Tuesday 13th April,200411520العددالثلاثاء 23 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد انطلاقه للمرة الثانية في قمة مبارك وبوش بعد انطلاقه للمرة الثانية في قمة مبارك وبوش
هل ينجح الحوار المصري الأمريكي في تجاوز العقبات ونقاط الخلاف؟!
قضايا الإصلاح في المنطقة ومبادرة الشرق الأوسط الكبير ملف شائك على أجندة المباحثات

* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
تكتسب الزيارة التي يقوم بها الرئيس المصري حسنى مبارك إلى واشنطن هذه الأيام اهمية خاصة ويصفها المراقبون بأنها اهم الزيارات المصرية إلى الولايات المتحدة الامريكية على الاطلاق وذلك بعد ان تأجلت زيارة الرئيس المصري إلى واشنطن العام الماضي بسبب ظروف الازمة العراقية والحرب على العراق والتطورات المهمة التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية والتي ستسيطر على مباحثات مبارك وبوش في القمة المرتقبة بينهما .
الا ان الاهمية الخاصة لهذه الزيارة كما يقول المراقبون تتمثل في انها ستشمل بداية لاستئناف الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة والذي كان قد بدأ في يوليو 1998 واستمر فترة قصيرة توقف بعدها لاسباب وصفت بأنها خلافات في وجهات النظر بين البلدين بشأن بعض القضايا الداخلية في مصر وقضايا المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.ويرى المراقبون ان اهمية الزيارة تتمثل في عدة اعتبارات اولها حاجة البلدين إلى حوار استراتيجي اكثر جدية واستمرارية لضبط وتنظيم الخلافات التي توجد بينهما بشأن مستقبل المنطقة خاصة في ظل المرحلة الجديدة التي دخلتها المنطقة بسبب تداعيات احتلال العراق وتردي الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة والعقبات التي تواجه عملية السلام والجدل المثار حول الاصلاح وقضاياه في المنطقة وهو ما يتطلب تنسيقا بين البلدين تجاه هذه القضايا.
تعثر الجولة الاولى:
كان الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة قد بدأ في 9 يوليو 1998 بين عمرو موسى وزير خارجية مصر في ذلك الحين ومادلين اولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة واستمر لمدة اربعة ايام في واشنطن وكان احمد ماهر وزير خارجية مصر الحالي سفيراً لمصر في واشنطن وقت بدء هذا الحوار وكان الهدف منه التأكيد على التوافق الاستراتيجي بين الادارتين المصرية والامريكية ووضع العلاقات الاقتصادية والعسكرية والامنية والسياسية في اطار استراتيجي واحد ناظم لهذه العلاقات وتجاوز أي تناقضات أو خلافات تعترض هذه العلاقة وقد تواصل هذا الحوار الاستراتيجي في القاهرة ديسمبر 1998 وواشنطن في فبراير 1999ثم توقف بعد ذلك.
ويرى المراقبون ان تصرفات ادارة الرئيس كلينتون وقتها افقدت ذلك الحوار مبررة ذلك عندما شنت عملية ثعلب الصحراء ضد العراق في نهاية العام 1998 فقد كان الطرفان متفقين عند انطلاق الحوار على ان الهدف منه ايجاد آلية مؤسسية منتظمة تساعد على زيادة مساحة الاتفاق بينهما وتضع سقفا للخلافات بينهما وتمنع تحولها إلى ازمة وكان مفهوما ان ايا منهما لن يتصرف بشكل منفرد أو بدون تنسيق مسبق ولذلك فقد وجهت عملية ثعلب الصحراء ضربة إلى الحوار الاستراتيجي في بدايته فتوقف قبل ان تكتمل جولاته.ولكن ادى تنشيط جهود السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين في فبراير 1999إلى تنامي التعاون بين القاهرة وواشنطن سعيا لحل نهائي للقضية الفلسطينية وكان في هذه الاجواء الايجابية ما يعوض عن فشل الحوار بينهما الا ان الغيوم عادت لتحجب هذه الاجواء خلال النصف الثاني من عام 2000 بعد اتفاق كامب ديفيد 2 وتصاعد المواجهات في الاراضي الفلسطينية المحتلة ودخول المنطقة مرحلة جديدة من الاضطراب بعد تولي ادارة بوش الابن والتي اصبح تغيير المنطقة واعادة رسم خريطتها عنوانا لسياستها بعد احداث 11 سبتمبر 2001 الامر الذي انعكس على علاقة امريكا بدول المنطقة ومنها مصر.
وعلى الرغم من توقف الحوار الذي بدأ عام 1998 الا ان ذلك لم يمنع تبادل الزيارات والمحادثات والنقاشات على مستويات مختلفة طوال هذه الفترة خاصة خلال زيارات الرئيس مبارك لواشنطن في اعوام 1999 و2000 و2001 و2002 وزيارات وفود مصرية رفيعة المستوى إلى امريكا كما استقبلت القاهرة العديد من المسئولين الامريكيين الكبار بينهم وزير الخارجية الامريكي كولن باول.
وحاول وزير الخارجية المصري اكثر من مرة خلال زياراته لواشنطن أو استقباله لمسئولين امريكيين في القاهرة التأكيد على العلاقات الاستراتيجية بين حكومة مصر والولايات المتحدة ونفى وجود اي تأثير سلبي للخلافات بينهما حول بعض السياسات الداخلية المصرية أو حول السياسة الامريكية في فلسطين أو العراق أو السودان مؤكدا ان الاختلاف في وجهات النظر بين البلدين هو جزء من علاقات ناضجة يعمل الجانبان من خلالها على تحقيق مصالحهما الوطنية وان الحوار مستمر بين البلدين بشكل صريح وممتد ويدخل في اطار الرغبة في الحفاظ على تلك العلاقة القوية وقال وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكي ان البلدين بدآ مشاورات رسمية حول كيفية تنظيم الحوار الاستراتيجي بشكل كامل بحيث يشمل كل جوانب العلاقة بين مصر وامريكا وقد بدأ نائب وزير الخارجية الامريكي ارميتاج هذا الحوار في القاهرة مع الرئيس مبارك في نوفمبر الماضي.
حوار شائك
ويقول المراقبون ان اجندة مباحثات القمة المصرية الامريكية القادمة والحوار الاستراتيجي بين البلدين ستكون حافلة بالقضايا الساخنة وان الرئيس مبارك سيواجه في زيارته للولايات المتحدة بوقائع جديدة اضافة إلى الوقائع القديمة التي مازالت حية خاصة بعد الغزو الامريكي للعراق والازمة التي تعانيها الادارة الامريكية هناك والتطابق التام أو شبه التام بين السياسة الامريكية في المنطقة والسياسة الاسرائيلية وانتهاكات شارون ضد الشعب الفلسطيني واستعداد بوش لخوض انتخابات الرئاسة في نوفمبر القادم وقضايا الاصلاح في المنطقة والشرق الاوسط الكبير بالاضافة إلى قضايا التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات المختلفة.
ويؤكد المراقبون ان هذه الموضوعات التي تحاط بالكثير من الحساسيات والخلافات ستجعل مهمة مبارك والوفد الذي سيبدأ بعد زيارته الحوار الاستراتيجي مهمة صعبة للغاية خاصة وان بعض المحللين رأوا ان بعثة طرق الابواب التي اوفدتها مصر لامريكا يوم 29 مارس الماضي واستمرت اعمالها لمدة 6 ايام واجهت بعض الفشل في مهمتها بسبب ما قيل انه التوقيت الخاطئ حيث اكشتفت ان واشنطن غارقه في المعركة الانتخابية من انتخابات الرئاسه إلى انتخابات اعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ وحكام الولايات وعمد المدن وغيرهم انها سنة الانتخابات في الولايات المتحدة على كل المستويات ولهذا كانت لقاءات البعثه مع المسئولين الامريكيين فاترة محدودة بسبب انشغالهم بمواعيد عدة في اطار الحملات الانتخابية.
ويرى هؤلاء ان القضايا التي تشهد بعض الخلاف في وجهات النظر بين البلدين وسيدور حولها الحوار الاستراتيجي محسوسه نوعا ما بالنسبة لواشنطن ولا تقبل الكثير من المناقشة وقد وضح هذا جليا في تصريحات جرام بنرمان رئيس مكتب بنرمان الذي يتولى رسميا مسئولية اللوبي المصري في واشنطن حيث قال في اول اجتماع مع بعثة طرق الابواب ولا تتحدثوا كثيرا حول العراق.. الموضوع حساس جدا لا تتناولوا قرار الحرب باعتباره خطأ أو صواب.. لا تثيروا الشكوك حول الاهداف الامريكية في المستقبل.. تجنبوا الحوار حول زوال الاحتلال.. الحديث المقبول لدى الامريكان هو ماذا يستطيع المصريون ان يقدموه لمساندة الولايات المتحدة.. ولا تتحدثوا عن اتفاقيات التجارة في سنة الانتخابات الصعبه.
الا ان مراقبين آخرين يرون ان اتفاق الطرفين مصر وامريكا على استئناف الحوار بينهما رغم ما يحيط به من محاذير ومخاوف بشأن القضايا التي سيتناولها يعبر عن رغبة من كلا الطرفين في الوصول إلى منطقة وسط وتجنب الخلاف حول هذه القضايا هو ما سيسعى مبارك وبوش إلى ارساء دعائمه في القمة القادمة بينهما ويقول المراقبون ان الولايات المتحدة تأمل بصفة خاصة في مزيد من اجراءات الاصلاح السياسي والديمقراطي والاقتصادي كما تأمل ان تساهم بشكل كبير في جهود اعادة الاستقرار في العراق.
ويتوقع المراقبون ان تعلن مصر استعدادها لتدريب الكوادر العراقية في مجالات مختلفة وتدريب عناصر الشرطة والجيش العراقيين وذلك في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى انتزاع موافقات امريكية على التحرك قدما نحو الانسحاب التدريجي الامريكي لقواتها من العراق والالتزام بتسليم مقاليد ادارة البلاد للشعب العراقي.. وعلى صعيد القضية الفلسطينية سيناقش الجانبان الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة في ضوء خطة شارون لفك الارتباط والانسحاب من قطاع غزه والترتيبات الامنية التي اعلنت عنها اسرائيل خاصة على الحدود المصرية مع غزة وهو ما يفرض ان يكون لمصر رأي في ذلك اضافة إلى الاتفاق على التحرك المصري - الامريكي المشترك لاستئناف المفاوضات المجمدة منذ شهر سبتمبر عام 2000 بين الفلسطينيين والاسرائيليين ووقف بناء الجدار العازل وسياسة الاغتيالات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وقيادات منظمات المقاومة.
وفيما يتعلق بالقضايا الأخرى تأتي قضية الاصلاح في المنطقة والمبادرة الامريكية حول الشرق الاوسط الكبير كأبرز القضايا التي ستتركز حولها مباحثات مبارك وبوش وفي هذا الاطار تنقل مصر رؤية الدول العربية كافة برفض مبادرات الاصلاح من الخارج والتأكيد على ان الاصلاح لابد ان يأتي من الداخل وان الدول العربية بما فيها مصر ماضية على طريق الاصلاح منذ زمن ولكن خطوة خطوة وفق الظروف الداخلية لكل بلد ورغم اختلاف وجهات النظر بين البلدين حول هذا الموضوع الا ان التحول الذي حدث في الموقف الامريكي والمتعلق بتصريحات مسئولين امريكيين حول ان امريكا لا تسعى إلى فرض اصلاحات محددة على دول المنطقة وانها تريد الاستماع إلى ما يقوله قادة المنطقة في الفترة الحالية ومهتمة بالمبادرة التي تصدر عن المنطقة نفسها هذا التحول شكل بداية لتمهيد الاجواء لاتفاق حول منطقة وسط حول هذه الموضوع الشائك وبرغم ان تأجيل القمة العربية منع العرب من طرح مشروع للاصلاح قبل عقد قمة الدول الصناعية الثماني في جورجيا في يونيو القادم ليكون هناك موقف عربي عام امام هذه القمة التي ستناقش هذه القضية الا ان مشاروات الرئيس مبارك مع القادة العرب في شرم الشيخ وفرت فرصة لبلورة موقف عربي سيطرحه مبارك على بوش ليكون امام قمة الثماني.
ويؤكد المراقبون ان الشق الاقتصادي يحتل اهمية خاصه على اجندة المباحثات المصرية الامريكية وجدول اعمال الحوار الاستراتيجي بين البلدين حيث يتم البحث في التوصل إلى اتفاق الشراكة المصري - الامريكي ورغبة مصر في زيادة الصادرات المصرية إلى السوق الامريكية واعطاء دفعة لتدفق حركة الاستثمارات الامريكية إلى مصر ومن المتوقع ان يضع الجانبان المصري والامريكي البنيان الاساسي لاتفاق الشراكة أو اقامة منظمة تجارة حره وهو المطلب الذي تسعى اليه القاهرة منذ فترة طويلة ويواجه بعقبات ومطالب امريكية حيث تدعو واشنطن القاهرة إلى اتخاذ خطوات جادة على طريق الاصلاح الاقتصادي قبل التفاوض على اتفاقية للتجارة الحرة مع امريكا.
ويبقى السؤال في النهاية هل تنجح الجولة الجديدة من الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن في تجاوز العقبات ونقاط الخلاف التي افشلت الجولة الاولى ام ان سخونة القضايا والملفات والتطورات الاخيرة التي تحيط بالحوار ستضع في طريقته المزيد من العقبات؟َ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved