Tuesday 13th April,200411520العددالثلاثاء 23 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنة الأزمنة
المؤاخاة بين الفلوجة وجنين..!!
عبد الله بن إدريس

نعيش نحن العرب والمسلمين عامة؛ هذه الفترة العصيبة من تاريخنا.. مِحَناً سوداء كقطع الليل المظلم.. جرَّاء خوفنا وذلنا واستخذائنا لأعدائنا. وهواننا على أنفسنا.. وما هُنَّا على أنفسنا إلا بعد أن هُنَّا على الله.. وما كنا لنهون على الله لو أننا - حكاماً ومحكومين - سلكنا طريقه المستقيم ومحجته البيضاء.. ولم نستجب للشياطين الذين كانوا يقفون على مفارق الطرق الصغيرة الملتوية، المظلمة! بالانحراف بالأمة عن سبيل الله.
هان العرب والمسلمون على أنفسهم.. فهانوا على أعدائهم.. مع أن الله جل جلاله نهانا عن الهوان.. وهو الذلة والخوف من الأعداء، والاستكانة، والانهزامية، أمامهم..!! بقوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي لا تضعفوا ولا تجبنوا عن مقاتلة أعدائكم.. مهما كانت النتائج محزنة ومؤلمة. وفادحة في آثارها، كما هي حال رقاع كثيرة من بلاد العروبة والإسلام.
ولابد للمسلم لكي لا يهون أو يجبن أمام أعدائه.. أن يستشعر أنه يقاتل لإحدى الحسنين: إما النصر على عدوه الظالم.. وإما الشهادة في سبيل الله: {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.. فالذي يقاتل أعداء دينه الإسلام وأعداء أمته يرجو بموته في الحرب (الجنة). وأما الكافر فهو لا يرجو خيراً إن قُتل بيد المسلم. ورحم الله خبيب بن عدي الأنصاري الذي كان أول من سَنَّ صلاة ركعتين قبل قتله صبراً.. على يد مشركي قريش حين قال:


ولست أبالي حين أُقتلُ مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شِلْوٍ ممزّع

إننا قد بدأنا منذ شهور عديدة.. نُحِسُّ بالعزة الإسلامية والكرامة العربية.. والشجاعة الجسورة التي يخوضها إخواننا المسلمون في العراق، ضد الاحتلال الأمريكي الأرعن وحلفائه (المرتزقة) الجبناء..!!
وأخذنا في الأيام الأخيرة نرفع رؤوسنا شامخة للبطولات التي يحققها إخواننا في مدينة العزة والشموخ (الفلوجة).. والمدن الأخرى.. والموقف الشجاع الذي حققه مقتدى الصدر في تواكب حركته الآنية.. مع حركة أهل الفلوجة والأنبار. وجميع المدن والمحافظات الثائرة من هذا الاحتلال الإجرامي.. الذي طبق دروسه الفاسدة التي تلقاهاعلى يد شارون المجرم.. في فلسطين.. وأنزلها بالشعب العراقي.. كمخطط أمريكي صهيوني.
لقد (تآخي بوش وشارون) في حربهما العدوانية ضد العرب والمسلمين بداية بفلسطين والعراق.. ومن بينهما أفغانستان.. (والحبل على الجرار..!).. كما أرادا أن يؤاخيا - آثمَيْن مأزورَيْن - بين المجزرة الهمجية على كل من (جنين والفلوجة) إلا أنهما بعكس ما أراده الأعداء.. أصبحتا (أختين) في الشجاعة والبطولة والنضال المشرف.
وكأني بأسوأ حاكمَيْن في العالم، وأكثرهما شراً على الأمة العربية والإسلامية.. سيتبادلان.. في الأيام القادمة (نَخْبَ) هذا الإنجاز العظيم! الذي حققاه بقتل وتدمير هاتين المدينتين في العراق وفلسطين. ولكن العاقبة للمتقين.
وربما لو علم هؤلاء الرؤساء القتلة. أنهم قد عَجَّلوا بقتلى هؤلاء المسلمين إلى (الجنة) لحل بهم حزن لا يريم..! وسوف يحل بهم - إن شاء الله - ما حل بجميع العتاة الظالمين.. إن عاجلاً وإن آجلاً..! {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} (42 - 43) سورة إبراهيم.
لقد تمادى الاحتلال الأمريكي في ظلمه وطغيانه (وبخاصة في ارتكابه المجزرة الوحشية الهجمية في المدينة البطلة الصامدة (الفلوجة).. وقد فعل بوش ما فعله صديقه وزميله في الوحشية والقسوة وانعدام الرحمة والإنسانية - المجرم شارون.
ولقد توافقت طباعهما ومطامعهما، و(تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) في الحقد والكراهية للعرب والمسلمين.. فتشابهت أعمالهما المنكرة.. وجرائمهما التي يندى لها جبين الإنسانية والتاريخ..!
وإلا فهل يعقل أن يذهب أكثر من (600) قتيل و(1000) جريح من أهل مدينة الفلوجة كثأر متوحش لمقتل (4) أمريكيين، ثم إحراقهم بالنار؟ صحيح أن الإسلام يحرم التمثيل بالأموات سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.. ولكن الثلاثة الفدائيين الذين فعلوا هذه الفعلة.. كانت أمريكا قد أدمت قلوبهم بعدوانها وظلمها ووحشيتها.. وأنا لا ألقى لهؤلاء الثلاثة عذراً شرعياً.. ولكني أتساءل هل هذه الحادثة الصغيرة تستحق كل هذه المجزرة الكبيرة المتوحشة وتدمير المدينة، وحصار وتجويع أهلها..؟! إنها وحشية الحقد اليهودي الصليبي..!
سبحان الله ما أقرب التشابه بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي - عليهما من الله ما يستحقانه - في وحشيتهما المنكرة، وتعطشهما للدماء العربية والإسلامية. وإيغالهما في تجاوز ما تنص عليه الأديان السماوية، غير المحرفة، والأنظمة والشرائع الدولية في حفظ حقوق الإنسان وتحريم ظلمه والاعتداء على دينه ونفسه وعرضه وماله ووطنه.
إن كانت إدارتا بوش وشارون تعتقدان أن ما تفعلانه بالعرب والمسلمين في فلسطين والعراق.. هي رسالة تخويف وتحذير من مناهضة وجودهما واحتلالهما للقطرين العربيين.. العراق وفلسطين.. فلتعلما أن الأمة العربية قد تعودت؛ عبر تاريخها الطويل المجيد، أنها لا تقبل رسائل من يهينها أو يخوفها.. وقد تعرضت عبر تاريخها النضالي الطويل إلى عدد من الغزوات الأممية الكبرى من الشرق والغرب.. وكلها ارتدت على أدبارها خاسئة خاسرة.. وكانت نهاية كل غزوة من تلك الغزوات العدوانية.. باباً يفتح لانتصار العرب والمسلمين {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ،َ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.
إن القرآن يعلمنا الله فيه أن نشد عزائمنا وأن نواجه من يعتدي علينا بمثل ما اعتدى به.. ولا نخاف ولا نهون ولا نجبن في ملاقاة الأعداء. فلنا النصر أو الشهادة.. ولهم الهزيمة أو جهنم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved