تعقيباً على ما يُكتب عن التجمهرات حول كل حادث مما يتسبب في إعاقة الأعمال الأمنية والجهود الإسعافية أقول : إن من مظاهر اللاوعي الذي يسيطر على كثير من أفراد مجتمعنا، هو ما نشاهده يومياً من التجمهرات العشوائية اللامسؤولة في مكان كلِّ حادثٍ تتمركز فيه سيارات الشرطة، أو الإسعاف، أو الدفاع المدني.
وهذا التجمهر اللامسؤول تسبب -ولا يزال يتسبب- في عواقبَ وخيمة لا يمكن تقديرها.. فكمٍ من نفس فاضت روحها بسبب هذه التجمهرات؟؟!!
وكم من مجرمٍ أفلت من أيدي العدالة بسبب حماقة هؤلاء المتجمهرين؟؟!!
وكم من أنفسٍ وأموال تلفت وقضت عليها النيران بسبب إشباع رغبة حب الاستطلاع لدى فئةٍ مريضة استهوت نقل الأخبار وتداول الأكاذيب؟؟!!
إن ما نشاهده اليوم في مجتمعنا من تجمهرات غوغائية تصدر من أنفس مريضة تقف متفرجة أمام محتضر يلفظ أنفاسه الأخيرة، أو مصابٍ يئنُّ من تداخل أضلاعه وتقطع أوصاله؛ لهو أكبر دليلٍ على غياب الوعي والحس الإنساني لدى هؤلاء المتجمهرين العشوائيين الذين يستوي عندهم أحياء نفسٍ أو هلاكها، ولايهمهم إنقاذ نفس أو فنائها، بقدر ما يهمهم الوقوف على الخبر من مكان الحدث مباشرة ومعرفة كافة تفاصيله، لكي يتفكّهوا مع زملائهم بهذه الوجبة الإعلامية المثيرةّّ.
إن هذه التجمهرات اللامسؤولة دليلٌ على غياب الوعي الذي يعاني منه هؤلاء الفضوليون الذين لم يستشعروا قيمة الوقت بالنسبة لرجال الأمن ولم يدركوا أن تأخر دقيقة- بل ثانية أحياناً- قد يتسببُ في فناء نفسٍ معصومة وإحداث إعاقةٍ دائمة.. وإلا فما معنى أن نشاهد سيارة الشرطة أو الإسعاف تطلق صفاراتها التحذيرية و (ناناتها) المدويّة معلنة حالة طارئة، بينما يعيق سيرها شخصٌ يسير -وبكل برود- بسرعة متأنية وقد انشغل بمكالمةٍ جوّالية!! أو تقليب جهاز المذياع للبحث عن قناةٍ إخبارية!!.
بل وما معنى أن تنطلق أسرابٌ من المركبات خلف سيارة الإسعاف أو الدفاع المدني لمعرفة مكان اتجاههم وموقع وصولهم!!.
هل يعي المجتمع اليوم ما معنى أن تسير سيارات الأمن وقد أطلقت صوت المكبرات والصفارات؟؟.
انني ومن هذا المنبر أطالب المسؤولين في شُعب العلاقات العامة بالأمن العام والدفاع المدني، وجمعية الهلال الأحمر السعودي إلى التركيز على هذه النقطة في الحملات التوعويّة، والطرح الجاد لخطر هذه المشكلة، ودراسة أسبابها، ووضع الحلول الكفيلة بالقضاء عليها، حيث إن لها تأثيراً ملحوظاً على سير أعمال الأجهزة الأمنية التي تعاني من هذه الفئة الفضولية.
وختاماً أسأل الله عز وجل أن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين،،،
الملازم أول - محمد بن عبدالعزيز المحمود
مركز شرطة بريدة الشمالي
ص.ب (260173) /الرياض (11342) |