طوَّعتُ نفسي وطبَّعتها على سجية لم أَحِدْ عنها منذ أن أعطت لي الحياةُ تجربة الوصل والتواصل.. هذه السجية أو العادة التي آمنت بجدواها.. وأمنت مخاطرها وتداعياتها أن لا أزور مسؤولاً كبيراً هنا أو هناك.. أو أن أزُورهُ في شح يشبه الندرة؛ كي لا أُتهمَ بالنفاق ولا بالارتزاق.
هذا لا يعني أبداً أنني لا أُكبر مَن يستحقون الإكبار.. ولا أحترم مَن هم جديرون بالاحترام.. إن فيهم من يستقبله ضميري وتقديري وإن ابتعد الجسد عنه.. ونأى..
من بين هؤلاء رجل دولة شق بعصاميته موج الحياة المتلاطم.. كوَّن نفسه.. أعطى الكثير من الجهد.. وحصد الكثير من النجاح.. لن أتناول سيرته الذاتية.. ولا ملفه الوظيفي.. كي لا أتهم بالمديح أو التزلف..
لن أتحدث عن الشيخ عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري كرجل دولة.. وحامل مسؤولية ناجح.. وإنما عن عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري ككاتب.. ومفكر..
دون رياء.. ولا تملق.. لقد قرأته في خطاب تأملاته الحياتية والفلسفية من خلال مؤلفاته ومعطياته الأدبية.. وخرجت من تلك القراءة بمحصلة تقول وتتساءل:
- لماذا لم يُكرَّم؟!
صحيح أن الكاتب يكرمه قلمه حين يجيد.. وضميره حين يُجد.. وعطاؤه حين يثري.. وقراؤه حين يؤمنون بمصداقية طرحه.. ولكن رغم أن شيخنا التويجري لن يضيف إليه التكريم شيئاً، ولن ينتقص منه شيئاً، فهو ذا على المكانة الاجتماعية والوظيفية والمادية. ولكن يظل الجانب الروحي هو الأبقى والأهم والأكثر مدعاة للاهتمام..
أدرك أن أخي سيعتب.. وربما سيغضب؛ لأنني أقحمته دون استئذان.. وكتبت عن أحقيته دون علمه.. ليعتب ما شاء.. وليغضب ما شاء.. ذلك أن ضميري المجرد عن الهوى مرتاح.. بل مريح حين يعطي القوس لباريه..
حكومتنا الرشيدة دأبت على تكريم الرواد من المفكرين والكتاب والشعراء.. إما من خلال جائزة الملك فيصل العالمية، أو من خلال شخصية العام - مهرجان الجنادرية.. وهي سُنَّة تُحمد لها.. وأشعر دون حرج إذا ما قلت: إن المفكر والكاتب عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري مقياساً لإبداعاته الفكرية النثرية كان الأحرى بالتكريم من بعضهم وفق تصوري ومتابعتي لمنجزاتهم.. وهم دون شك يستحقون إن كرمتهم الدولة..
شيخنا التويجري يطرق بوابة التسعين من عمره إن لم يكن طرقها، متعه الله بالصحة والعافية.. من واجبه علينا ومن حقه علينا أن نحتفي به كشخصية هذا العام.. إن في تكريمه تكريماً للفكر الجاد.. والصياغة الجيدة.. والمضمون الحي.. رجل العام الشيخ عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري.. هل يكون؟!
إن لم ينتظر هو.. فنحن ننتظر لا بالإنابة عنه.. وإنما بالأصالة عن أنفسنا لكاتب الأصالة والمعاصرة..
|