تجربة الفلوجة

آن للفلوجة أن تستجمع أطرافها وتضمد جراحها بعد أسبوع من القتال الشرس غير المتكافئ شيعت فيه المئات من أبنائها الذين قضوا برصاص وآلة الحرب الأمريكية الضخمة.
وقد كانت معارك الفلوجة مؤشراً على رفض القهر من قبل مواطنيها كما عبرت عن توق شديد للعراقيين للانعتاق من هذا الاحتلال الذي يجيز لنفسه ان يبطش هكذا وبكل قوة بشعب اعزل, لكن الامريكيين يخطئون ان هم نظروا إلى تلك المعارك على انها درس لقمع الآخرين، والأحرى ان الآخرين ازداد رفضهم للاحتلال الذي قدم لهم المزيد من الادلة على تجاوزه واسرافه في استخدام القوة المتفوقة لديه.
وقد ارتبطت بمعارك الفلوجة وقائع ابرزت المدى البعيد الذي يمكن ان يذهب إليه الامريكيون في تجاهلهم للاحتياجات الإنسانية لأناس تقصفهم الدبابات والطائرات ونيران القناصة، فقد حالت القوات الأمريكية دون وصول الأهالي إلى المستشفى الرئيسي في الفلوجة وتركتهم يواجهون مصيرهم مع امكانيات طبية وصحية في ادنى مستوياتها في مراكز صحية صغيرة وغير مؤهلة لمثل هذه الهجمات الكبرى.
لقد ازداد التباعد بين قوة الاحتلال وشعب العراق، ويفعل الاحتلال خيراً ان هو عمل على التعجيل باجراءات نقل السلطة واستعد للرحيل، فالجرح الغائر في الفلوجة يصعب تطبيبه والمشاهد المأساوية للنساء والأطفال تحت القصف يصعب نسيانها، وهذا هو الحال مع جثث الكبار والصغار التي يتم انتشالها من وسط الانقاض وتلك التي لا زالت تحت المنازل المهدمة والتي لا يدري عنها إلا الله.