دخلت الأسبوع الماضي منتزهاً عائلياً في الرياض..
وحيث اعتدنا على قسائم المسابقات تلاحقنا في كل مكان..
على زجاج سياراتنا.. ومن تحت أبوابنا.. وملقاة في أفنية منازلنا..
فقد تسلمنا النسخ الكثيرة ونحن صامتون.. لأن رفضك استلامها سيحدث ضجيجاً واستغراباً.. فهل يوجد الآن أناس يرفضون قسائم مسابقات تعطى لهم مجاناً..
وهي فلسفة ليس لها أي ارتباط ب(البطر) المادي فنحن ما زلنا من فئة ذوي الرواتب المنقرضة وليست القارضة..
حين استوى اطفالي في ألعابهم.. وتناثرت حولي القسائم.. ساقني (الفضول) الذي فقد ثلاثة أرباع بريقه إلى قراءة القسيمة..
كانت معبأة بأسئلة لابد لكي تجيب عليها أن تستمع إلى شريط محدد مذكور اسمه بالقسيمة..
والأسئلة المحددة هي من نوع..
من هي الذئاب البشرية التي تجوب الأسواق تبحث عن فريسة؟..
وعن تهديدات الذئاب البشرية لفريساتهم من الفتيات البريئات ووسائلهم التي وضع لها خيارات.. التهديد بالصور والمكالمات.. وتكررت كلمة الذئاب أكثر من مرة وكذلك كلمة الفريسة..
وتساءل ابني (عشر سنوات) عن المسابقة ومن هم الذئاب وماذا تعني الفتاة الفريسة؟..
ويأبى البعض إلا أن يقلب نزهاتنا إلى أحاديث لا نحب الخوض فيها مع أطفالنا.. حيث لابد أن يكون لكل مكان اعتباراته وما يناسبه.. فما لنا ومال الذئاب والفرائس ونحن في يوم إجازتنا نريد أن ندخل على قلوب أطفالنا الفرح ونبحث معهم أموراً تناسبهم وتضيف لهم بطريقتنا وبأساليبنا التي نختارها نحن ودون أن تفرض علينا..
ونحن نحدد الوقت الذي نخوض فيه معهم بها..
ثم لم هذا الإصرار على جعل الفتاة فريسة دائماً وكأنها ليست ذات إرادة خلقها الله مسؤولة عن اختياراتها، إن خير، كان جزاؤها خيرا.. وإن شر كان جزاؤها شرا.. كمخلوق مسؤول مثلها مثل الرجل في اختياراته.. لم تظل المرأة بصورة الضحية ولا تحاسب وفق اختيارها كإنسان راشد؟! حتى حين تحدث عن الخطأ وتوعظ وتوجه توجه بطريقة تحترمها كإنسان يفكر ويختار ويقرر ما يريد ويخطىء ويصيب مثلها مثل الرجل.. لم يوحى دائماً للمرأة بأنها فريسة وأن خطأها دائماً هو نتيجة أو ردة فعل وليس فعلا بذاته؟!.
ثم متى نتخلص من اللغة الوصفية المملة والمثيرة للكتابة.. حيث الرجل ذئب والمرأة فريسة..
والذئاب البشرية مصطلح قديم، أذكر أن معلمة قبل سنوات جاءت بشريط إلى المدرسة ومقدمته عواء وعواء وعواء.. ثم يتحدث عن المعاكسات معطياً الفتيات الصغيرات إحساسا متدنيا بأنهن مجرد فرائس يشتهيها الرجال للنيل منها ثم رميها والتخلص منها، وهذا الشعور تتورط فيه الصغيرات حين يكبرن فيرين الرجل - الزوج بهذا المنظار..
ولا أستبعد أن تكون نسبة الطلاق المرتفعة بين المتزوجات حديثا يكون أحد أسبابها هو هذا الخطاب الذي ساد وظنناه قد باد وتلاشى ولكن للأسف وجدته مزروعاً في المنتزهات على مداخل الأشجار اليانعة والوردات المتفتحة.
لم نعهد هذا التوصيف في أدبيات تراثنا العربي أو الشعبي مع ما يحفل به من وعظيات.. إذا كان هناك إيضاح لقرار المرأة وإرادتها في اتخاذ الخطأ.. وأنها إنسان كامل الأهلية له خطاياه مثل ما له حسناته وأنها حين تخطىء بإرادتها فإنها ليست فريسة بل هي شريكة في الخطأ.. كان خطابا يحترم المرأة حتى وهي تخطىء.
لابد أن يتغير خطابنا مع المرأة إذا أردناها امرأة معتزة بدينها واثقة من نفسها.. ممتلئة الذات بالشعور بالمسؤولية عن كل خطوة تخطوها..
ولابد أن يختفي مثل هذا الخطاب من المدارس تحديداً حيث كانت المسابقة بإشراف مجمع تعليمي!!
|