Monday 12th April,200411519العددالأثنين 22 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
من أجل أرملة.. سأغضب صاحبي
عبد الرحمن بن سعد السماري

مجتمعنا.. مجتمع الخير.. له ألف موعد مع الخير.. وكلمة الخير هنا.. من أشهر الكلمات وأكثرها حضوراً.. وأهل الخير.. هم الأكثر بفضل الله.
يقولون.. فلان (خيِّر) وفيه (خير) وهذا.. يعني الشيء الكثير.. ولأن مجتمعنا.. مجتمع خير.. فقد وُجد فيه التكافل الاجتماعي.. ووجدت فيه.. الجمعيات الخيرية.. ووجد فيه التواصل والعطاء الإنساني.. الذي لا يتوقف ولا ينضب.. ولا تهزه هزات.. ولا يتأثر بعوامل أو مؤثرات.. ولا يوقفه أي عائق مهما كان حجمه.
مجتمع جُبل وطبع على الخير.. والرجال الخيرون.. هم الأكثر والأشهر والأجود..
هم هكذا.. لا يمكن أن يكونوا إلا كذلك.. لا يمكن لأحدهم أن يكون غير ذلك حتى لو حاول بنفسه أن يتراجع.. أو حاول الآخرون ثنيه.. فإن كل ذلك سيفشل.. لأنه مجبول مطبوع على الخير.. ولأن صفة الخير.. صارت جبلة فيه.. وجزءاً من تكوينه.. وشيئاً من حياته.. التي لا يستطيع أن يستغني عنها.. حتى لو حاول من هو أقوى منه ثنيه.. أو إيقاف جوده.. فإنه يتدمر نفسياً ويتحطم.. ويشعر كما لو أنه فقد الجزء الأكبر من أعضاء جسده.
ديننا الإسلامي.. حثَّ على الجود والعطاء والبذل..
ديننا.. حثَّ على الكرم وعلى السخاء وعلى الإنفاق في كل ميادين الخير.. ولأن مجتمعنا.. مجتمع مسلم متمسك بدينه.. عارفٌ حقوق ربه عليه.. فإن البذل صار سمة وصفة للكثير بفضل الله.
ليس هناك جمعية خيرية تشتكي من ضعف الموارد.. وليس هناك جمعية إغاثة أو إنسانية أو اجتماعية توقَّفت أو أُغلقت بسبب نقص التموين أو ضعف الموارد.. بل إن الموارد تتدفق في كل اتجاه.. والباذلون.. هم الأكثر.
والشيء الأجمل في مجتمعنا أيضاً.. هو أن هناك الكثير من الباذلين الخيرين.. يبذلون ويعطون في كل اتجاه بهدوء وصمت.. وأكره ما يكرهون.. أن يتحدث بذلك أحد أو يكتب عنه.. أو يشاع أو يتناقله أي شخص.
يعملون ويعطون بسخاء وبصمت.. بعيداً عن الأضواء وعن أي بريق يفسد العمل.
يحرصون أن تكون عطاءاتهم كما أمر الدين.. لا تعلم الشمال ما أنفقت اليمين.. هكذا.. هم يعملون.
إن أمامنا أسماء كثيرة في بلادنا.. عُرفت بالعطاء والبذل والسخاء دون توقف.
أسماء معروفة لدى الفقراء والمحتاجين والمعوزين والمرضى.. أكثر من أن يعرفهم أي إنسان آخر.
لقد جمعتني زمالة دراسة.. وزمالة عمل.. وصداقة طويلة مع أحد هؤلاء الذين يبذلون وينفقون ويعطون في كل ميدان ولكن.. بهدوء وصمت.. وأكره ما يكرهون.. أن ينشر ذلك أو يكتب عنه.. أو يشاع بين الناس.. لأنهم يعطون أولاً.. لرضاء الرب.. ولامتثال أوامره.. واستشعاراً لدروب الخير.. ثم إنهم.. جُبلوا على هذا المسلك النبيل الخلاق.
لقد جمعتني مقاعد الدراسة مع صديق العمر.. الشيخ عبد المحسن عبد الرحمن المحيسن.. وعرفته صغيراً.. وشاباً ورجلاً.. وفي كل مرحلة.. كان أجود من سابقتها.
رجل يحبه الناس كلهم.. لأنه يناصر هذا المسكين.. ويساعد ذلك اليتيم.. ويقف مع تلك الأرملة.. ويسعى لذلك المريض أو اليتيم أو المحتاج..
أكثر ما يكره.. أن يقال إنه أعطى أو ساعد أو بذل.. كان يحب الهدوء والصمت.. وكان يكره أن يكتب عن شيء مما عمل.. كلمة واحدة.
ليس في وسائل الإعلام كلها له صورة واحدة.. ولا يعرف الوجهاء ولا المسئولون ولا الإعلاميون، حتى شكله.. لكن اليتامى والأرامل والمرضى والمعوزين والفقراء.. كلهم يعرفونه.
هو زميل وصديق عزيز.. جمعتني به علاقة امتدت لعقود جاوزت (40) عاماً.. وأعرف أن هذه الزاوية أو هذه الكلمة القصيرة.. ستغضبه.. وستكون منعطفاً صعباً في مسار صداقتنا الطويلة.. وأعرف أنه أكره ما يكره.. أن يقال شيء من ذلك.
حتى عندما رقي إلى المرتبة الممتازة.. وحاز لقب.. معالي.. وهو يستحق وبجدارة.. لم يعلم بذلك أحد.. ولم يكتب في الإعلام سطر عن ذلك.. حتى مجرد خبر صغير في الصحف.. ولم يعلن عن ذلك.. رغم علاقته الواسعة داخل الأوساط الصحفية والإعلامية..
أما لماذا أقدمت على كتابة هذه الزاوية.. رغم إدراكي أنها ستغضب صديقي ورفيق دربي. فهو إصرار والدة أيتام شملهم عطف هذا الرجل.. وكرَّمهم وغمرهم بجوده.. عندما علم حالة هؤلاء الأيتام الذين فقدوا معيلهم ومصدر رزقهم.. اشترى لهم منزلاً (فيلا) وأثثها تأثيثاً كاملاً.. وسلمها لهم ولوالدتهم دون علم أحد.
لقد أصرت والدة هؤلاء الأيتام.. على أن أكتب سطرين.. شكراً وتقديراً وعرفاناً للشيخ.. ورغم مضي بعض الوقت على هذا الموضوع.. ومحاولتي التنصل من هذا الموضوع.. لكن هذه الأرملة أصرت على ذلك.. ونزولاً عند رغبتها.. فعلت.. حتى لو غضب صديقي (أبو أحمد).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved