Monday 12th April,200411519العددالأثنين 22 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لا تنوي الوقوف موقف المتفرج لا تنوي الوقوف موقف المتفرج
روسيا قلقة مما يجري في العراق وتدعو واشنطن إلى إنهاء احتلالها

* موسكو - سعيد طانيوس:
أعربت موسكو مراراً وتكراراً هذا الأسبوع عن قلقها من تطور الأحداث في العراق، ومن الوضع السيئ الذي يعيشه السكان المدنيون في مدينة الفلوجة التي تحاصرها القوات الأمريكية، ومن قيام قوات الاحتلال باستخدام القوة غير المبررة.
وصدرت عن روسيا إشارات إلى أنها لا تنوي الوقوف موقف المتفرج وترك الشعب العراقي في هذه المحنة الصعبة كما ليس من المهم الآن النظر إلى من يقود العراق سواء كان صدام حسين أم الأمريكيين؛ لأن موسكو تولي أهمية كبيرة لمراعاة مبادئ القانون الدولي، وحماية السكان المدنيين الذين يعانون من الأعمال العسكرية لقوات الاحتلال.
لكن ما العمل في حال عدم إيقاف القتال بين قوى المقاومة العراقية والمحتلين؟ من المؤكد أن روسيا ستكتفي بترداد موقفها الثابت والداعي إلى ضرورة إعادة السيادة إلى العراق في أسرع وقت ممكن، ونقل السلطة إلى حكومة عراقية شرعية، ومشاركة الأمم المتحدة بشكل فعال في عملية التسوية العراقية، كما أن على الأمم المتحدة أن تتمتع بصلاحيات فعلية وألا تكون غطاء للسياسة الأمريكية في هذا البلد.
وترى المصادر الدبلوماسية الروسية أن الأمريكيين ينظرون إلى دور الأمم المتحدة حتى الآن من هذا الجانب فقط. ولكن كم يلزم الإدارة الأمريكية من الوقت، وكم سيسقط من المدنيين الأبرياء لكي تستمع إلى رأي المجتمع الدولي؟
قبل عام من الآن حذرت روسيا ومعها عدد من الدول الأوروبية والعربية الولايات المتحدة من أن احتلال العراق سيؤدي إلى عواقب وخيمة بالنسبة إلى هذا البلد العربي ومنطقة الشرق الأوسط والعالم كله. لقد صدقت تلك التوقعات كما نرى الآن. أما الولايات المتحدة فتصورت في نشوة النصر السريع أنها كانت محقة في كل شيء!
ويقول وزير الخارجية الروسي السابق ايغور ايفانوف في مجالسه الخاصة: إن واشنطن لم تستمع إلى رأي الخبراء الروس وغيرهم بشأن نشر الاستقرار في العراق وإعادة الحياة الطبيعية إليه في مرحلة ما بعد الحرب، ونفذت ما تريد مرتكبة أخطاء كثيرة مرة أخرى. لقد كان الأجدر بالأمريكيين أن يعيدوا السيادة إلى العراقيين في ربيع أو صيف العام الماضي ومباشرة بعد الأول من أيار - مايو، أي في ذلك اليوم الذي أعلن فيه رسميا عن وقف العمليات القتالية. لقد كان ممكنا في ذلك الوقت قيام الأمم المتحدة بلعب دور رئيسي في عمليات إعادة بناء العراق سياسيا واقتصاديا.
ويتابع ايفانوف الذي يشغل منصب سكرتير مجلس الامن الروسي حاليا (ان الامريكيين ضيّعوا عاما كاملا في مناقشات حادة في أروقة الأمم المتحدة دون ان يكونوا جادين في اعطاء دور اساسي للامم المتحدة في العراق، كذلك انشغلوا طويلا في عملية تقاسم العقود الخاصة بإعمار العراق والتي فقدت قيمتها الآن بسبب الوضع الأمني المتدهور الذي لا يمكن لأية شركة أجنبية أن تعمل فيه بالإضافة إلى عدم وضوح نهاية لهذه الفوضى التي تجتاح البلاد.
ويخلص الى القول: إن اخطر ما في الوضع الحالي هو تحول العراق إلى مرتع للإرهابيين الدوليين الذين لا يفوتون مثل هذه الفرص لتحقيق أهدافهم ومآربهم. كما أن الإرهابيين لا يستهدفون الولايات المتحدة الأمريكية فحسب بل جميع الدول التي ساعدتها في الحرب على العراق. فقد تمكنوا من تغيير الحكومة الإسبانية، كما أن إدارة الرئيس بوش تنتظر دورها في هذا المجال أيضا. وقد يؤدي اختطاف المدنيين اليابانيين إلى حدوث أزمة في طوكيو، وقد تطول قائمة الدول التي ستتضرر من هذه الأعمال.
ويرى ايفانوف أن الحل الوحيد لتطبيع الوضع في العراق هو إبداء الولايات المتحدة استعدادها للاستماع إلى نصائح المجتمع الدولي، والإسراع بإعادة سيادة العراق إلى العراقيين أنفسهم. وربما من الأفضل لو قامت الولايات المتحدة بنقل السلطة إلى العراقيين قبل الموعد المحدد في الثلاثين من شهر حزيران - يونيو القادم.
الا ان موسكو لا ترى أن الوقت الحالي مناسب لإلقاء اللوم على الأمريكيين في كل ما يقع في العراق، كما قال أناتولي سافرونوف، نائب وزير الخارجية الروسي الذي يزور الهند حاليا: (نحن نعرف أن الوضع في العراق خطر جدا؛ لذلك علينا جميعا أن نتعاون في حل هذه المشكلة).
هل ستفهم الولايات المتحدة في يوم ما معنى هذا الكلام، أم أنها ستتجاهل صوت العقل مرة أخرى، وتعمل انطلاقا من أوهام القوة العظمى الوحيدة في العالم؟
رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي ميخائيل مارغيلوف يقول: ان المهمة الأساسية في العراق حاليا تتركز على تحقيق سلام نسبي بوساطة من الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الإنسانية الدولية, ويضيف (طالما تدور المعارك في العراق فإن من الصعب الحديث عن مستقبل البلاد. وستظهر إمكانية استقرار الوضع في حال إحلال قوات سلام دولية تحت إشراف الأمم المتحدة محل قوات الاحتلال. وإذا عادت الأمم المتحدة إلى العراق فستعود معها مختلف المنظمات الإنسانية الدولية؛ مما سيساعد على خفض حدة الخلافات الاجتماعية، وتحقيق السلام في البلاد).
ويعتبر مارغيلوف أن الوضع الحالي في العراق يجعل مهمة صنع السلام في غاية الصعوبة ويشير هذا البرلماني الروسي الذي يشغل منصب رئيس الجمعية الروسية للتضامن مع بلدان آسيا وأفريقيا إلى أن ما يحصل الآن في العراق قد يدخل البلاد في دوامة من الفوضى والحرب الأهلية.
اما رئيس معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية سيرغي روغوف فيعتبر أن واشنطن تفتقر إلى استراتيجية جادة لمكافحة الإرهاب الدولي. ولا يستبعد هذا الخبير السياسي الروسي قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق قائلا: (عندما يشعر الأمريكيون بأن الأرض قد بدأت تحترق تحت أقدامهم سيأمر بوش بسحب القوات من العراق).
وأشار روغوف إلى أن الولايات المتحدة قامت بإنفاق 160 مليار دولار على الحرب في العراق وأفغانستان في فترة عام ونصف فقط، مضيفا أنه كان الأجدر بواشنطن أن تنفق هذه الأموال على مكافحة مصادر الإرهاب الحقيقية كالفقر والمشاكل الاجتماعية.
واختتم رئيس معهد الولايات المتحدة وكندا حديثه مؤكدا على أن ما تفعله الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب لا يمت بأية صلة لجذور المشكلة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved