التقليد والمحاكاة أمر درجت عليه ذائقة الإنسان وأصبح فيما يبدو ولعاً مألوفاً تغذيه رغبة الاطلاع والتملك والكشف والمعرفة.. فبين التقليد والمحاكاة خيط رفيع لا تكشفه إلا نظرة قوية وفاحصة، لكن في هذه الأيام اصبح التقليد -وللأسف- من الشعارات القوية والفاعلة، حيث ينساق خلفها الدهماء والبسطاء والصغار، هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تتبع (موضة) فلانة ومحاكاة تقليعة (فلان)، بل ان الأمر يذهب الى أخطر من ذلك بكثير حينما يقلد نوعية ما يشرب أو ما يتعاطاه وما يجلد ذاته فيه وكأن هذا النكرة اللامع او تلك الخرقاء المضيئة هي من تملك حق تغيير كيان الأمة باكتشافاتها غير المذهلة.
ما يثير فعلاً أننا لن نستطيع توليد أو اختراع او محاكاة تقليد جديد يتمثل في تتبع الأشياء النافعة التي تأتي بين حين وآخر، ولنقدم مثالاً حياً على ضرورة تقليد الأعمال النافعة ما تقوم به بلدية (دبي) وهي امارة عربية شقيقة تنهض بشموخ وحضارة، فحينما يجد المكلفون بتتبع المتخلفين والمخالفين لأنظمة الإقامة يقومون بترحيلهم فوراً، وفوراً يعني ليس يوماً أو يومين إنما لمدة دقائق أو ساعات قليلة هي مدة ترتيبات سفره في المطار.. فحينما يُرحل هذا المخالف يطلب كفيله أو (عمه.. لدينا)، ليدفع كل الجزاءات المترتبة على إقامته غير النظامية وجميع مخالفاته التي ارتكبها هذا العامل أو ذاك.
هذا أهم مثال وجدته في (امارة دبي) الشقيقة، وهو مثال حي ومعبر يستحق أن نقلده بسرعة فهو أجمل من اي تقليعة، وأفضل من أي إعجاب ومحاكاة.
|