تزداد ردود الفعل حدة في العالم العربي وخارجه بالنسبة للأحداث الأخيرة في السودان خاصة في الدول الشيوعية ودول اتحاد الجمهوريات العربية ومصر منها بالذات..
فقد ذكرت أنباء الخرطوم ان حكومة النميري مستمرة في مطاردة الشيوعيين، وقد كرر اتهامه للاتحاد السوفياتي بأنه كان مؤيدا للانقلاب الفاشل.. وذكرت احدى الصحف السودانية أن جنديا برتبة عريف أدلى بمعلومات على جانب كبير من الأهمية وهو الذي ساعد زعيم الحزب الشيوعي عبدالخالق محجوب على الهروب من معتقله في يوليو الماضي.
وقد أعلن اللواء النميري ان السودان تخلص من أيام المحنة الثلاثة التي عاشها وأنه لا يمكن ان تحكمه فئة مستوردة من الخارج، وأكد مجدداً ان لا مكان للشيوعية في السودان وقال: ان المحنة أوضحت لنا أولئك الاصدقاء الذين كنا نهتف لهم ونقول انهم نصراء الشعوب المغلوبة على أمرها والذين تأكد الآن أنهم كانوا يريدون الدخول للسودان وأفريقيا بوجه آخر هو وجه الاستعمار.. وأكد أن بلاده لن تقبل الاتحاد السوفيتي أو غيره مستعمراً. وقال وسط هتافات شعبية تردد (لا شيوعية.. لا الحاد.. لا شرقية ولا غربية).. اننا سنلقنهم درسا ونوريهم أننا سودانيون.. ووصف الحزب الشيوعي انه حزب شيطاني وقال: انه لا أمل في احيائه في السودان مرة أخرى. واتهم وزير خارجية السودان الجديد السيد منصور خالد الاتحاد السوفياتي بأنه يشن حملة جائرة ضد بلاده وحذر ان السودان لن يسكت اذا استمرت. وصرح الوزير في مؤتمر صحفي بقوله : اننا لانعتزم قطع علاقاتنا مع أحد ولكن اذا اضطررنا الى ذلك فسوف نفعله، وتقول الأنباء ان العلاقات بين السودان وكل من روسيا وبلغاريا قد تردت إثر الحملات الصحفية والاعلامية التي شنتها أجهزة البلدين الشيوعيين ضد النميري وحكومته لإعدامه قادة الشيوعيين في بلاده.
وفي القاهرة حذر السيد محمد حسنين هيكل رئيس تحرير صحيفة الأهرام - العالم العربي من خوض معارك مع الاتحاد السوفياتي وقال: ان الوقت قد حان لكي تهدأ المشاعر في السودان.. ومع انه قال ان الحزب الشيوعي السوداني قد ارتكب خطأ في مساعدته الانقلاب الفاشل إلا انه عاد فذكر السودان بقوله: لا ينبغي السماح بانقسام القوى الوطنية، وكان في الاسبوع الماضي قد وصف اعدام الشيوعيين بأنه خطأ كبير.. وقال هيكل في ختام مقاله: ان الاتحاد السوفياتي هو القوة الكبرى التي سوف تساعد في مرحلة التطوير بعد تسوية الأزمة مع اسرائيل..
ومن جهة أخرى فقد ذكرت الانباء الصحفية الواردة من بيروت ان الاتحاد السوفياتي قد يستدعي سفيره من القاهرة وعزت ذلك الى احتمال ان ذلك عائد الى فشل السفير في حمل مصر على الاعتراف بالانقلاب الفاشل الذي دبره الشيوعيون في السودان.
وعلمت صحيفة النهار البيروتية ان السلطات المصرية اعتقلت كلا من السيدين خالد محيي الدين احد قادة الثورة المصرية الأوائل والدكتور سعد الدين رئيس المعهد الاشتراكي بسبب استنكارهما الحملة التأديبية ضد الشيوعيين في السودان.. والمعروف ان هذين الشخصين من زعماء الاتجاه اليساري في مصر.. ويسود الاعتقاد في الأوساط الرسمية بالقاهرة ان الاثنين كانا وراء البيان الذي أصدره في الأسبوع الماضي الاتحاد العام لعمال مصر وندد فيه بالحملة المعادية للشيوعية في السودان والذي كان الرئيس المصري أنور السادات قد أمر بإجراء التحقيق في أسبابه، ولم يصدر بصدده شيء رسمي حتى الآن.
وفضلا عن كل ذلك فإن الأنباء التي نقلت من القاهرة تفيد ان جهة قريبة من الرئيس المصري اعترفت مؤخراً وبصورة علنية ان هناك احتمالاً متزايداً لوقوع صدام سوفيتي عربي بسبب أحداث السودان وحذر الجانبين وخاصة الاتحاد السوفياتي الى تجنب ذلك قبل ان يفلت زمام الأمور.
|