في مثل هذا اليوم من عام 1803 حدثت واحدة من كبرى المفاجآت في التاريخ الدبلوماسي حين عرض وزير الخارجية الفرنسي آنذاك تشارلز موريس دي تاليراند على الولايات المتحدة الأمريكية شراء جميع أراضي ولاية لويزيانا.
فقبل ثلاث سنوات من ذلك التاريخ، تمكن تاليراند من إقناع الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابارت بتكوين إمبراطورية فرنسية بأمريكا الشمالية، حيث كان لدى الفرنسيين رغبة قديمة في الحصول على المنطقة الفسيحة الواقعة غرب نهر المسيسيبي والمعروفة بأرض لويزيانا.
وفي عام 1800، وقع نابليون معاهدة سرية مع إسبانيا منحت فرنسا رسمياً بموجبها السيطرة الكاملة على هذه الأراضي، ثم بدأ في إعداد جيش فرنسي عملاق لاحتلال نيو أورليانز سعياً لتدعيم الهيمنة الفرنسية على أمريكا الشمالية.
وعندما علم الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون بخطط نابليون عام 1802، تملكه قلق شديد، فلطالما حلم جيفرسون بالتوسع غربا إلى ما وراء المسيسيبي، ولكن الجمهورية الأمريكية الصغيرة لم تكن في وضع عسكري يسمح لها بمنافسة فرنسا للحصول على لويزيانا؛ فعقد جيفرسون آماله على أن ينجح روبرت ليفينجستون وزيره بفرنسا على الأقل في التفاوض على اتفاقية تمنح الولايات المتحدة السيطرة على نيو أورليانز، البوابة الرئيسية لنهر المسيسيبي. كان الموقف في بدايته معقداً، حيث فشلت محاولات ليفينجستون في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، ولكن مع بداية عام 1803، تغيرت الأوضاع في أوروبا ضد نابليون، وباتت الحرب مؤكدة بين فرنسا وبريطانيا العظمى، فلم يعد نابليون قادراً على توفير الإمدادات العسكرية اللازمة للسيطرة على لويزيانا، وعندما خشي من استيلاء الأسطول البريطاني العملاق على لويزيانا بالقوة، فضل بيعها للأمريكيين على وقوعها في أيدي أعدائه.
وفي 11 أبريل عام 1803، التقى ليفينجستون مجدداً بتاليراند، وعلى الفور بدأ الوزيران بمناقشة السعر الفرنسي المطلوب في لويزيانا.
وفي الـ30 من الشهر نفسه، وقع المفوضون الأمريكيون اتفاقية مع الفرنسيين لشراء هذه الأراضي الشاسعة مقابل 11.250 مليون دولار أمريكي.
| 
