دعوات عديدة للتهدئة في العراق، وليس من ثمة تسوية كاملة شاملة تتيح مخرجاً من كامل هذه الأزمة، فكلمات التهدئة والهدنة ووقف القتال كلها تعبير عن حالة مؤقتة بينما يقف كل الفرقاء على أهبة الاستعداد لاستئناف القتال الذي أشعلته رغبة أمريكية عارمة في الانتقام ، وتظل في غضون ذلك دماء القتلى والجرحى تذكِّر بمذابح مروعة في الأيام السبعة الماضية, لتصل حصيلة القصف بالطائرات والدبابات إلى 500 قتيل في الفالوجة لوحدها.
ولا يُعرف ما إذا كان الجانب الأمريكي سيقتنع بكل هذه المئات من قتلى مقابل قتل أربعة أمريكيين قبل أكثر من أسبوع في الفلوجة أم أنه سيسعى إلى قتل المزيد لحين إشباع هذه الرغبة الجامحة في الانتقام؟!
لقد تم إبادة أسر بكاملها في حملة الانتقام الأمريكية هذه على الفلوجة بينما شهدت المدينة موجات قصف عنيفة أعادت إلى الأذهان ذلك القصف الذي استهدف العاصمة بغداد قبل عام من الآن ، وتعرضت الفلوجة لكل مآسي الحرب من تشرد ونزوح ونقص في الإمدادات الطبية والأغذية.
الانسياق الأمريكي الشديد وراء الانتقام جعل العملية العسكرية منفلتة تماماً لتخرج عن سياق العمل العسكري المنظّم لدولة كبرى وخلق تناقضاً بين الولايات المتحدة والمجموعة العراقية التي تعمل معها في الإدارة وفي مجلس الحكم، حيث رأى الكثيرون منهم أن العمل العسكري قد تجاوز الحدود، ولهذا تزايدت الاستقالات من إدارة الحاكم العسكري بريمر ومن مجلس الحكم، لأن المسؤولين العراقيين رأوا أنهم مجرد متفرجين على مذابح تستهدف شعبهم وأن ما يقولونه للأمريكيين لا يجد آذاناً صاغية.
|