أود أن نتشارك هذه الحكاية التي روتها لي صديقة قريبة، لأنني أراها تنتقل من القطاع الذي يجمع أحاديث الصديقات، إلى العام الذي يتواشج مع تفاصيل حياتنا وأمنها واستقرارها، (عموماً لن ينجو من كان في رفقة كاتب من فضول الكتابة ونهمها الذي يحول الأسرار إلى مقال صحفي).
تقول: ...... مدينة الرياض تبدو فرحة ومستبشرة في نهاية الأسبوع تقول ذلك الفرح الذي يجعلنا نتحلل من جدولنا الأسبوعي الصارم، ونوغل سهراً في ساعات الليل، لكن السهر يجعل كثيراً من الأمور التي كان يغطيها النوم تتكشف...؟!
فاكتشفت صديقتي أن هناك غريباً في المنزل، أيقظت زوجها واستنفر المنزل في حالة طوارئ.... تعددت الخيارات..... ولكن كان الخيار الأول والأسلم هو 999.
كانت الفترة بين بلاغ زوجها لرجال الأمن ووصولهم ثلاث دقائق، يندرج في تلك الثلاث دقائق اللحظات التي أمضاها زوجها وهو يصف لهم المنزل، خلال ثلاث دقائق توقفت سيارتا أمن متقابلتان، كل واحدة قدمت من شارع مختلف أمام البوابة، وانهمروا من السيارة كالفهود الحذرة المدربة.. قلوب جسورة.. أعصاب متماسكة.. أجساد مدربة وعالية اللياقة، المسافة بين الواحد والآخر مدروسة تماماً، انتشروا في المنزل في لحظات خاطفة كفرقة قادمة فوق مركبة أسطورية، ولأن الصيد لم يكن بحجمهم... كان مجرد فأر بشري اختار ان يكون عشيقاً لخادمة المنزل، التقطوه بخفة وهدوء تقول صديقتي: - لم أسمع أي أصوات كانوا.. يتخاطبون بلغة سرية سريعة ومختصرة، وفي ظرف اثنتي عشرة دقيقة كانت العملية برمتها منتهية، تقول رافقهم زوجي فقط لينهي بقية الإجراءات في المركز.
تقول صديقتي: ظللت طوال الليل أكابد هذا المشهد الخاطف الذي يقترب من الأفلام العجيبة، ولكن تقول تلك الليلة بعد أن انتهى توتري نمت على أجمل وأهنأ مخدة، لأنني أعرف بأنهم هنا وفي لحظات وعلى مرمى مكالمة عمرها ثلاث دقائق فقط.
انتهى كلام صديقتي، وكنت أقول هؤلاء الفهود المدربة الذين يطوقون بصدورهم وشبابهم الرعب عنا، لا بد أنهم أمضوا ساعات تدريبية طويلة لكي يصلوا لهذه الحرفية، لهذا التمكن... لهذا الإخلاص... إنهم منجز لا بد أن نقف له احتراماً.. سورنا الأول وواجهتنا المنيعة...
ناموا على وسائد من نسيج الغيم وريش الأحلام.... إنهم حولنا فقط على مرمى مكالمة عمرها ثلاث دقائق.
| 
