يعد انعقاد (الندوة الثالثة لآفاق البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي) على أرض المملكة العربية السعودية التحرك الأول للندوة من دولة المقر والمحضن الأم؛ الشارقة؛ وذلك انطلاقاً من مبادئ المؤسسة التي تسعى إلى العالمية، وتبشر بنظام علمي عربي متكامل قائم على الوحدة والعمل الشمولي.
وتنعقد هذه الندوة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، والذي لا يسعنا إلا أن نتقدم لسموه بجزيل الشكر والامتنان لهذه الرعاية المعهودة من سموه والاهتمام المعروف من المملكة بالعلم والعلماء.
لقد احتضنت إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة انطلاقة هذه الندوة، وكانت أهم إنجازاتها ميلاد المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا؛ وذلك برعاية سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد - حاكم الشارقة والذي قدم لها الموارد الكفيلة بتحركها حرة مستقلة، مدللاً بذلك على إيمان سموه بالدور المنتظر لهذه المؤسسة لتطوير المجال العلمي في وطننا العربي، سيما وأن أمتنا اليوم تمر بظرف صعب لن تجتازه إلا إذا ركزت على جوانب العلم والتكنولوجيا والتقنية والتي هي من أولويات العمل في هذه المؤسسة الرائدة.
تهدف هذه الندوة إلى تنشيط دور البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في معالجة جانب النقص المعرفي في العالم العربي، والعمل على تحقيق رؤية متكاملة وحقيقية للواقع الحالي لمجتمعنا العلمي وتحليل معطياته وتشخيص نقاط ضعفه، والدفع باتجاه الاستثمار في مجال العلوم والتقنية، والسعي للربط بين منظومة البحث العلمي ومنظومة الاستثمار في المنطقة العربية، وتشجيع الأداء العلمي التخصصي للباحثين والعلميين العرب في مجال أولويات البحث العلمي.
وينضم إلى عضوية اللجان العلمية والمشرفة على الندوة - والتي يترأسها الدكتور صالح بن عبدالرحمن العذل رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية - عدد من العلماء والتكولوجيين والمفكرين حيث من المتوقع أن يصل عدد المشاركين في هذه الندوة إلى أكثر من 800 عالم عربي من داخل الوطن العربي وخارجه، وتتناول الندوة الثالثة لآفاق البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي ثلاثة محاور رئيسية والعديد من المواضيع التي تخص واقع ومستقبل العلوم و التكنولوجيا من العالم العربي تتوزع على العديد من جلسات العرض والنقاش بالإضافة إلى عدد من ورش العمل المتخصصة.
إننا لموقنون بالله العزيز أن هذه الندوة ستحقق أهدافها وغاياتها؛ لشدة ما لمسناه من اهتمام إخوتنا في مدينة الملك عبدالعزيز، وكذلك الإقبال المنقطع النظير للإخوة العلماء من خلال ما أرسل من أوراق عمل أو طلبات حضور.
وما هذه اللقاءات والندوات التي ترعاها المؤسسة إلا إرهاصات مبشرة؛ وبذور نماء لأمة لم يكتب لها أن تموت... فمثلنا كمثل قوم يعانقون راية يسلمها السلف للخلف كيما تبقى خفاقة بعون الله وتأييده؛ ترعاها عقول العلماء وسواعد الباحثين ودعم المسؤولين المخلصين الواعين، ورفد أصحاب رؤوس الأموال الذين يبحثون عن نماء الدنيا لأمتهم وبركة الآخرة لهم.
فكم تتردد على المسامع وكم تداولت الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة اليوم ما تعانيه الأمة من تخلف وتأخر في المجالات المختلفة وتذكر فيما تذكر مجال العلوم والتكنولوجيا واصفة ضعفه في هذا المجال بالتصحر العلمي والتكنولوجي، مما يستحضر في ذاكرتنا قول شوقي على لسان اللغة العربية وهي تنعى حظها:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي |
إن أمة يدين لها العالم كله بعلومه وفنونه محال لها أن تعاني التصحر؛ فصحراؤها اليوم أكثر عمراناً من صحرائها يوم امتدت روافدها للعالم بأجمعه، لم يتغير سوى سكانها وقاطنيها؛ وقد آن لهم أن يؤوبوا...
الدكتور عبدالله عبدالعزيز النجار
رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا |