الذاكرة الأمريكية لا يمكن أن تنسى ما حصل للأمريكيين في فيتنام، فالذي واجهه الأمريكيون هناك ليس ببعيد، فالشاب الأمريكي إضافة إلى الرجال الذين وصل عمرهم إلى العقد الرابع يتذكرون بمرارة آلاف القتلى الأمريكيين الذين سقطوا في فيتنام وبعدها انسحبت القوات الأمريكية دون أن يحققوا شيئاً سوى زرع عقدة لا تلبث أن تظهر بين الحين والآخر، بعد كل تدخل أمريكي في شؤون الدول الأخرى والقيام بمهام (الشرطي الدولي).
هذه الأيام وبعد اندلاع الانتفاضة الشيعية في المدن العراقية الجنوبية والمقاومة التي تبديها مدينة الفلوجة في غرب العراق عادت (عقدة فيتنام) تظهر من جديد في أوساط الأمريكيين.
وإذا كانت الثورة الشيوعية في فيتنام قد بدأت من الجنوب وأخذت تزحف نحو الشمال حتى تحولت سايغون إلى هوشة منه، منهيةً العقبة الأمريكية في ذلك البلد، فإن المقاومة العراقية التي تركزت فيما يسمى بالمثلث السني وفي محافظة الأنبار (الرمادي) ومدينة الفلوجة، شهدت في الأيام الأخيرة امتداداً لها إلى المدن الجنوبية بعد إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ثورته على الأمريكيين. وسواء التقت أهداف مقتدى الصدر مع المقاومين في المثلث السني أو اختلفت، فإن مواجهة قوات الاحتلال الأمريكي للمقاومين في الفلوجة ومدن الجنوب وبالطريقة التي تابعناها التي تكشف عن إصرار أمريكي لقمع أي تحرك عراقي وبالعشوائية التي أدت إلى سقوط مئات القتلى لابد أن تُشعلَ المقاومة العراقية وتُوحدَها وتُلغيَ الاختلافات بين السنة والشيعة التي حاولت قوات الاحتلال إشعالها إلا أن وعي السنة والشيعة على السواء أفشل كل محاولات إذكاء الفتنة الطائفية.
ويتخوف الأمريكيون أن يصبح للمقاومة العراقية مراكز تجمع ولذلك فهم يواجهون ثورة الفلوجة وانتفاضات مدن الجنوب في الكوفة والنجف والكوت والناصرية والبصرة بقسوة بالغة، لأن حصول المقاومة العراقية على مراكز تجمع سَيُحَوِّلُ العراق إلى فيتنام أخرى.. وهذا ما يخشاه الأمريكيون جداً، بل إن الإدارة الأمريكية والقيادات العسكرية سواء الميدانية منها المتمركزة في العراق، أو المتواجدة في البنتاغون في واشنطن، تخشى من أن رياح المستنقع الفيتنامي بدأت تهب عليهم من الفلوجة!!.
|