* الجزائر د ب أ:
دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مساء الجمعة في أول رد فعل له بعد فوزه بفترة رئاسة ثانية إلى لم الشمل وإلى إصلاح ذات البين وإلى توطيد وشائج التضامن بين الجزائريين والثقة في مستقبل الجزائر.
وفي رسالة إلى منافسيه في الانتخابات دعا بوتفليقة إلى طي الصفحة واعتبار ما حدث أثناء الانتخابات مجرد حماس انتخابي بقوله في خطاب بثه التلفزيون الجزائري (لقد ولت الانتخابات وانتهت)، كما دعا منافسيه الذين هددوا بالانتفاضة ورفض نتائج الانتخابات وعلى رأسهم غريمه علي بن فليس زعيم حزب جبهة التحرير الوطني، وسعيد سعدي من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والشيخ عبد الله جاب الله زعيم حركة الاصلاح الوطني إلى الهدوء والسكينة بقوله (علينا الآن أن نخلد الى الهدوء ونتغاضى عما أصابنا من جروح ونتوخى روح التسامح والتفاهم في علاقتنا الاجتماعية التي تمكننا من التقارب لبعضنا البعض).
واعتبر النجاح الذي حققه نجاحا باهرا ولا غبار عليه مشيرا إلى أن نتائج الانتخابات التي يشكك فيها منافسوه كانت شفافة ونزيهة، وهي الانتخابات التي ارتقت بالجزائر - حسب الرئيس بوتفليقة - إلى مراتب الدول الاكثر عصرية بفضل نضج الشعب الجزائري. وحصل بوتفليقة (67عاما) على 83.49 بالمئة من عدد الاصوات بحيث لم تعد هناك ضرورة لإجراء جولة ثانية من الانتخابات، في حين لم يحصل رئيس الوزراء السابق علي بن فليس الذي كان يعتقد أنه أخطر منافس لبوتفليقة إلا على 7.93 في المئة من الاصوات. ويثير حجم الفوز الكبير شبهات حول نزاهة الانتخابات.
وفند رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي ادعاءات المعارضة بتزوير الانتخابات لصالح بوتفليقة، مشيرا إلى أن نتائج هذه الانتخابات رد شافٍ وكافٍ على دعاة النزول إلى الشارع في إشارة إلى المنافسين الرئيسيين لبوتفليقة في الانتخابات.
ومن جهته اعتبر سعيد سعدي مرشح حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية البربري، نتائج الانتخابات بالكارثة، وقد حصل سعدي على المرتبة الرابعة بنحو 119 ألف صوت بنسبة 1.93 بالمئة، ولخص سعدي خلال مؤتمر صحفي حالات التزوير في ثلاثة مستويات هي تواطؤ الادارة ومصالح الامن الجزائرية في عدد من الولايات الجزائرية فضلا عن محيط بوتفليقة. وكشف سعدي عما قال انه وثائق استغلها أنصار بوتفليقة لترجيح الكفة لصالح الرئيس المرشح، منها طبع بطاقات الانتخاب بيضاء لاستغلالها من طرف أنصاره.
وكذب سعدي تصريحات وزير الداخلية الذي أعلن أن نحو 300 ألف ناخب في منطقة القبائل لم يتمكنوا من الذهاب إلى التصويت بالقبائل على خلفية دعوة حركة العروش إلى رفض الانتخابات وكذا استجابة لنداء المقاطعة الذي رفعه حزب جبهة القوى الاشتراكية بقيادة الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد مؤكدا أن نحو ثلاثة ملايين من سكان القبائل لم يتمكنوا من التوجه إلى صناديق الاقتراع نظرا للاضطرابات التي عرفتها المنطقة ثم لدور لعبته الادارة لدفع المنطقة إلى عدم التعبير عن اختيارها، والمعروفة بولائها للاحزاب البربرية.
وتساءل سعيد سعدي: كيف يتمكن بوتفليقة من احتلال سلم الترتيب في ولاية تيزي أوزو كبرى المدن البربرية وهو الذي غادرها على عجل في اليوم ذاته على متن طائرة نفاثة.
ودعا سعدى الى إسقاط بوتفليقة بمختلف الوسائل السلمية، وأشار إلى أنه سينشر تقريرا حول سير العملية الانتخابية في الجزائر وسيتم توزيعه لاحقا لإخطار مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية حول ما سماها الانحرافات والضغوط التي مارستها الادارة لصالح الرئيس بوتفليقة.
وقام العاهل المغربي الملك محمد السادس بتهنئة بوتفليقة بمناسبة إعادة انتخابه لولاية ثانية حيث وصفه في برقية أرسلها بأنه رجل دولة محنك، مشيرا إلى أن تجديد انتخابه يدل على أن الشعب الجزائري يتطلع إلى قيادة نيرة. وكانت الرباط التزمت الصمت تجاه الانتخابات الجزائرية رغم أن وسائل الاعلام المغربية تابعت أجواء الحملة الانتخابية.
وكان العاهل المغربي التقى الرئيس الجزائري عدة مرات في مناسبات عديدة بيد أن لقاء بينهما كان مقررا منذ سنوات لبحث العلاقات الثنائية تأجل مرارا، ومنذ تولى الملك محمد السادس مقاليد الحكم في تموز - يوليو1999 جرت محاولات لإيجاد تسوية سلمية لنزاع الصحراء الذي ظل يوتر علاقات البلدين لكن لم يتم إحراز تقدم على هذا الصعيد.
وأشار العاهل المغربي في برقيته التي أرسلها فور إعلان فوز بوتفليقة إلى أنه يرغب في (فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين) و(مواصلة العمل سويا من أجل ترسيخ علاقات الاخوة الصادقة والتضامن وحسن الجوار) على حد قوله.
وتلقت كل من تونس وليبيا إعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة بارتياح حيث يرتبط بعلاقة وطيدة مع كل من الرئيس زين العابدين بن علي والعقيد معمر القذافي. ويسود انطباع في دول المغرب العربي بأن الرئيس بوتفليقة سيكون خلال فترة رئاسته الثانية أكثر تحررا من هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي خاصة تجاه علاقات الجزائر مع دول المغرب العربي.
كما هنأ الرئيس الامريكي جورج بوش الرئيس الجزائري لإعادة انتخابه مؤكدا أنها تشكل مرحلة جديدة نحو الديمقراطية في الجزائر. وأعلن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان في بيان نشر في كراوفورد في ولاية تكساس - حيث يمضي الرئيس إجازة مناسبة الفصح - أن هذه الانتخابات تمثل مرحلة جديدة نحو الديمقراطية في الجزائر.
وأضاف ماكليلان أن (الولايات المتحدة ترحب بإمكانية مواصلة العمل مع الرئيس بوتفليقة حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك للجزائر والولايات المتحدة بما فيها حل النزاعات في شمال أفريقيا ومكافحة الارهاب والاصلاحات السياسية والاقتصادية الضرورية في الجزائر). وقالت وزارة الخارجية الامريكية يوم الجمعة إنه لا يوجد دليل يستدعي التشكيك في مصداقية الفوز الساحق الذي حققه بوتفليقة في الانتخابات.
|