المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم.
اطلعت على مقال الأخ عبدالرحمن عقيل حمود (مشرف اجتماعي) والمنشور قبل عدة أيام في صفحة (عزيزتي الجزيرة) للجميع تحت عنوان ( من سيتزوجها؟! ). فقد تحدث أخي عبد الرحمن عن بعض المخاوف من نتائج الفحص الطبي قبل الزواج. وقال إنه إذا ثبت أن هناك مرضا ما فلن يتزوجها احد بالنسبة للفتاة. وأقول ان هذا الكلام خاطىء من النواحي الطبية والعلمية (بالنسبة للأمراض الوراثية) فالفحص قبل الزواج غالباً لتحديد بعض الأمراض الوراثية التي يمكن أن تحدث بإذن الله إذا كان كلا الزوجين (او الخطيبين) يحملان المرض نفسه والجين الوراثي نفسه. اما إذا كان احدهما يحمل جيناً او خللاً وراثياً والطرف الآخر لا يوجد عنده هذا الجين الذي به خلل ولا الخلل الوراثي الذي عند الآخر وهو سليم فلا خوف بإذن الله من انتقال الأمراض او حدوثها عند الاجنة لان حمل احدهما للجين الممرض لا يعني حصول المرض عند ابنائهما. وعليه فلا مانع من ان يتزوجا، ولو حدث أن كلا الطرفين لديهما الجين المريض نفسه او الخلل الوراثي نفسه الذي قد يقود إلى امراض وراثية خطيرة مثل الثلاسيميا، الخلايا المنجلية، نقص انزيمات معينة تقود الى مرض. إلخ فإنه من غير المناسب ان يتزوجا بعضهما (هما بالذات وبالتحديد) ولكن لكل منهما الفرصة بأن يتزوج من شخص آخر لا يحمل هذه الجينات سواء من خارج العائلة او القبيلة او من داخلها وهذا يعني أن هذا الطرف الذي يحمل الجين المريض (سواء الرجل او المرأة) يستطيع أن يتزوج شخصاً آخر من بقية خلق الله لا يحمل هذه الجينات، وبإذن الله لن يحصل هذا المرض، وهذا له شواهد نبوية كقول النبي صلى الله عليه وسلم:( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) وقوله لصاحب الإبل: لعلها نزعة عرق. والمطلوب ان يتم مقارنة نتائج فحص جينات الرجل وجينات المرأة اللذين يرغبان الزواج ببعضهما البعض ومطابقة بعض الصفات الوراثية والمقاييس التي لها دلالات علمية وطبية ويقرر طبيب الوراثة نسبة حدوث او عدم حدوث المرض بإذن الله فإن كانت النسبة المتوقعة عالية فإنه يتم نصح كل واحد منهما أن يبحث عن طرف آخر مناسب له لانهما هما بالذات غير مناسبين لبعضهما، والمشكلة التي تكمن هي زواج بعض العوائل والقبائل التي يوجد بها أمراض وراثية من بعضهم البعض فيستمر المرض وينتشر بين افراد تلك العائلة او القبيلة ويتناقله الأجيال ولكن لو خرج شخص من هذه العائلة او القبيلة وذهب للزواج من شخص آخر من غير القبيلة او العائلة فإن هذا المرض لن ينتقل لابنائه حتى ولو كان هو حاملاً للجين المريض وراثياً لانه لابد أن تحمله الزوجة ايضاًَ لكي يحصل المرض بإذن الله والخلاصة انه لو تم الكشف على رجل وامرأة وثبت أن لديهما خللا وراثيا في الجين نفسه او المنطقة الوراثية التي يتسبب منها مرض وراثي فإن ذلك لا يعني انه لو تزوجها اي رجل آخر سيحدث لابنائهم المرض بل إن هذا يعني أن هذا المرض سيحصل لابنائها فقط (وبإذن الله وتقديره) اذا تزوجها رجل يحمل الصفات الوراثية المرضية نفسها ، ولكن لو تزوجها آخر لا يحمل تلك الصفات الوراثية المرضية فلن يحدث المرض بإذن الله.
وبناء عليه فان فرصة حدوث المرض هي فقط لو تزوجت من رجل يحمل صفاتها المرضية نفسها ولكن لا تعتبر مريضة بل حاملة للجين المريض، وعليه فإن كلام الاخ عبدالرحمن غير علمي وغير صحيح فتجد من يتزوجها بدون محاذير صحية وبدون امراض إن شاء الله غير ذلك الشخص الذي تطابقت صفاتها الوراثية المرضية مع صفاته هو بالذات وكذلك الرجل سيجد من تناسبه بدون محاذير طبية وبدون أمراض وراثية.
هذا الكلام ينطبق على الأمراض الوراثية فقط أما الأمراض الأخرى مثل الإيدز والتهاب الكبد الفيروسي فلا ينطبق عليها هذا الكلام ولها حلول طبية وعملية كثيرة وهناك طرق طبية تناسب كل مرض يرجع اليها عند الأطباء المختصين فما انزل الله داء الا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله. والله أعلم.
د. فهد بن محمد الخضيري
عالم أبحاث طبية ورئيس وحدة المسرطنات بمركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض |