لا تستغرب حينما يأتيك سيل عرم من الاتهامات الجارحة وأنت تجلس في سكينة يحيط بك الأقربون.. يحدقون بك.. يتأملون تعابيرك التي تعطي ردوداً ممزوجة بالألم والحيرة والاستنكار.. ويربطك بالطرف الآخر شعور صادق يمنعك ان تخدش جزءاً من إحساسه الذي لم يفكر فيه وهو يتحدث معك... أيضا لا تستغرب ان كان الذي على الطرف الآخر شخص يفترض انه أقرب الناس إليك.. أكثرهم معرفة بك أدقهم في تفاصيل حياتك.. أكثرهم إدراكاً ماذا يجول في محيطك المليء بالمنغصات.. فقط أمنحك الحق في الاستغراب حينما تعرف ان هذا الشخص (الكل) يساهم بشكل صادق وقوي مع الآخرين الذين ينغصون عليك، وما علينا حينما نرى تلك الشعارات الكاذبة التي يشارك فيها ثلاثة أرباع العالم وربع آخر متفرج تؤكد ان المحبة هي أسمى علاقة عظيمة تربط البشر وان الصداقة وملحقاتها عالم مملوء بالصدق والحب والإخلاص.. عجباً.. لماذا إذاً حينما تنزلق القدم في أي منعطف أول من يشارك المتفرجين هم الأحبة والأصدقاء وكأننا لا تربطنا بهؤلاء شعرة مرتفعة بين الحب والصداقة فيختلط الحابل بالنابل بين شعور متردد وشعور آخر تولده الحساسية البغيضة فتجعلنا لا ندري هل نحن إلى هؤلاء أم إلى هؤلاء !!!
أعلم يقينا ان المحبة الصادقة هي ذلك الشعور العظيم الذي يجعلك تعرف متى أحبتك يحتاجون إلى إحساسك بهم ومتى تمنحهم كل ما لديك من عطاء لأجل راحتهم.. ومتى ومتى.. وأشياء كثيرة يفرضها الشعور.. لا تعترف بالوقت.. ولا بالعمل.. ولا بالكبرياء.. لماذا إذاً أحبتنا يشهرون أسلحتهم في وجوهنا كأننا العدو اللدود ؟!!!
لماذا يفرحون بالاختلاف وينأون عنا ردحاً طويلاً من الزمن وكأنهم يمنحون أنفسهم قسطاً عظيماً من الراحة وإعادة الحسابات وكأن علاقاتهم الحميمة أصبحت خطأ يحتاج إلى تدارك!!! وأمداً يحتاج إلى أبعاد.. لماذا الأحبة يتعاملون بعمق مع الجميع ومعنا تسيطر عليهم السطحية والأمور التافهة التي ليس لها دور سوى انها تجتث المشاعر من أعماقها وتطمس كل ملامحها حتى جذر صغير قد يجعلها تنمو أو تسترد حياتها.. لماذا الأحبة يجعلوننا نندم معهم بالذات وتتولد على يدهم لحظات الحسرات.. والذل.. والمهانة.. وكأننا شيء مع مجموعة عظيمة من الكماليات يمكن الاستغناء عنها في أي لحظة....
لماذا نشوه العلاقات بنظرتنا السالبة التي لا تبقي شيئاً في قلوبنا ولا تذر.. أسئلة كثيرة متلاطمة أجزم انها في قلب كل شخص اصطفى من الناس شخصاً يلتصق به ويشتكي له.. ليستعين به على الدوائر.. طامة كبرى ان يتحول هذا الشخص إلى دوائر قاسية تجعلك تقف برهة وتنظر في كل الجهات وتجد ان الحياة مع نفسك بعيداً عن الأخلاء الذين يسومونك سوء العذاب هي بالتأكيد أغنى... وأفنى!!!
|