تطالعنا صحفنا المحلية.. ونسمع خلال اجتماعاتنا عن القنوات الفضائية وما تقدمه من برامج تبث من خلالها فيروسات وميكروبات لتصيب هدفها رأساً.. ألا وهو الأطفال والشباب من الجنسين (الإناث والذكور). ووصل النقد على هذه القنوات إلى درجة طلب تشفيرها من الحكومة.. والضغط على أولياء الأمور بعدم السماح للأبناء بمشاهدة هذه القنوات.
أقول للجميع: (لن تقف هذه القنوات عن الزحف وبث السموم، ولن تسطيع أي حكومة تشفير أي قناة) إن لم يكن هناك اقتناع داخلي من الشخص نفسه بعدم أخذ كل ما يراه أو يسمعه بأنه جيد.
حسناً.. وكيف لطفل أو شاب أن يتعرف على الجيد من الرديء في مثل هذا الزمن؟!! أب يسهر إلى الفجر خارج منزله، وآخر يقطع عامه مسافراً أكثر أيام الشهر لاهثاً خلف جلب المال.. والثالث أمام هذه القنوات من يطلع من دوامه حتى ينام ليلاً.. وأم تعمل صباحاً.. وتنام حتى قرب المغرب.. وباقي وقتها على الهاتف تاركةً أطفالها بين يدي الخادمات والقنوات إن لم تكن هي الأخرى ممَّن يتابعون ذلك.. ومدارس يُحفظ فيها القرآن دون تدبُّر لمعانيه..
إذاً.. ما العمل؟!
لا أعلم.. ولكن أتساءل: أين ديننا من هذا؟ أين ما درسناه خلال مناهجنا الدينية بالذات؟!
وقفة
هل مناهجنا الدينية كانت كافية أو قوية بحيث تزرع بذوراً في أرض خصبة وترويها بماء نقي ونتابع الري وتنظيف ما حولها من عوالق أولاً بأول وتزويدها بالسماد اللازم الجيد غير المغشوش لكي نحصد الآن ما زرعناه، وهو أن نشاهد ونقرأ ونسمع كل شيء ولكن نعرف ماذا نأخذ، وماذا نترك؟!
الإجابة نعم.. ولكن المُزارع كان غير مدرَّب. نعم.. ولكن المُزارع كان غير مؤهل.
ثم.. كلمة أخيرة
يا مُزارع (معلم وولي أمر وإعلام)، ها هي الأرض الطيبة بين يديك (الطفولة والشباب)، وها هي البذور الأصيلة (مناهج الدين) أمامك، (لا أقصد تحفيظ القرآن) بل معانيه.. فهل أنت قادر على بذر تلك البذور في هذه الأرض حسب مواسمها.. وإروائها بالماء الكافي النقي؟! بحيث لو اشتعل حقلك بالنار تخرج لنا هذه البذور ثماراً قوية لم تزدها النار إلا قوة.
والآن.. جاء دوركم..
يا مَن تنتقدون على صفحات الجرائد.. عودوا إلى المرآة وانظروا فيها، واسألوا أنفسكم: هل نحن قدوة لمَن حولنا من أطفال وأقارب وأصدقاء؟ وهل نحن محبوبون من الجميع؟ وهل نستطيع التأثير عليهم بعدم مشاهدة هذه القنوات إذا كنا بصحبتهم؟ وهل نستطيع أن نجد بدائل عنها جيدة نقدِّمها لهم في كل مرة نكون معاً؟ أو على الأقل عندما أشاهدها معهم أستطيع استقطاع ما فيها من إيجابيات فقط ولفت نظر المجموعة إليها.. وطرح السلبيات بمناقشة هادئة راقية وحوار لطيف يحترم آراء الآخرين وأفكارهم؟
إذا كنتم كذلك فالحمد لله ما زال ديننا بخير وما زالت الدنيا بخير.. وما زال أطفالنا وأصدقاؤنا بأمان.
وفَّق الله الجميع لما يحبه من الأقوال والأفعال.
|