حدثت معركة بين النمل شاهدها العالم الأمريكي البروفيسور (برتولد هولد) مع مجموعة من العلماء، وقدم تقريره عن هذه المعركة: لقد كانت الحرب ضارية.. الجيشان المتقاتلان يستريحان ليلا، ويستأنفان المعركة عند شروق الشمس.. لم يستطع أحدهما هزيمة الآخر، واتفقا في النهاية على إقامة منطقة محايدة بينهما.. لا يقترب منها أي فرد من الجماعتين المتقاتلتين. في الحرب يستخدم النمل الجسور وهي جسور تتكون من أجسام النمل يصعد بعضها على بعض عبر غصون الشجر لتصل إلى الموقع الذي تريد غزوه والسيطرة عليه إذا كان غنياً بما تشتهيه من الغذاء، ثم تستوطن هذا الموقع.
توجد مجموعات نمل مسالمة تعتمد على جهدها للحصول على الغذاء, وتوجد جماعات غازية عدوانية تعتمد على الغزو تسيطر وتستوطن أوطان النمل المسالم.
من عجائب عالم النمل أنها تعيش في مستعمرات ضمن تشكيلة اجتماعية يتم بناؤها بانتظام وطاعة، وتوزيع الواجبات إلى جانب التضحية والتضامن، ولا يمكن أن نشهد من ضمن أنماط سلوكها الأنانية أو التفرد. إذا تقابلت نملتان وكانت أحدهما جائعة أو عطشى والأخرى تملك شيئاً في بلعومها لم يمضغ بعد, فإن الجائعة تتغذى من الأخرى. سلوك لا يحمل في طياته أي معنى للأنانية وهناك التوزيع العادل في أداء الواجبات ضمن المستعمرة الواحدة، وكل نملة تؤدي واجبها بكل إخلاص وتفانٍ, وتتعدد الوظائف في هذه المستعمرة، فمنهن المربيات، ومنهن من يعمل بالأعمال العسكرية حرس المستعمرات والجيش. إحدى النملات تقوم بدور الحارس فلا تسمح لغير مجموعتها بالدخول للمستعمرة، وتظل طوال اليوم تحرس البوابة فهي مرابطة دائمة وحرص شديد. عند هجوم الأعداء تقوم الأمهات بالحفاظ على حياة الصغار، أما النمل المقاتل فيبدأ بالمجابهة، وليس من ديدنه الهروب، فالكل يعمل من أجل سلامة المستعمرة، ويسعى لذلك بغاية التضحية والتفاني، وهذا ديدنه منذ ملايين السنين! من الأمور المدهشة أن مستعمرات النمل في غاية التطور من حيث بنائها وإدارتها لأنها تتكون من طرق معبّدة ومخازن مهيّأة للاستهلاك عند الحاجة وصالات فسيحة بها مختلف الوسائل لرعاية البيض واليرقات. أما أنظمة السير والمرور فتجري في غاية الدقة والتنظيم وبنظرة بسيطة للنمل تجدها كيف تسير بشكل منظم. من وظائف النمل: نمل متخصص في قطع الورق, يعمل طوال اليوم, يحمل أجزاء الورق النباتية, وهي تعرف التجارة والاقتصاد بتخزين الغذاء لموسم الشتاء. سبحان الله! أمور محيّرة لعلماء الأحياء, أنماط سلوكية صادرة عن كائنات صغيرة, لا تملك إلا جهازاً عصبياً دقيقاً للغاية, ومخّاً غاية في الصغر! ليتنا ندرك من النمل المخلوق الصغير قيماً كبرى, وهي أهمية حماية الأوطان, والتعاون, والنظام, والاقتصاد, والعمل, والمثابرة...
|