رحمة الله عليك رحمة واسعة يا شيخ أحمد ياسين ورحم الله كل شهداء الأمة الإسلامية الذين جاهدوا لتكون كلمة الله هي العليا. كنا مجموعة من الأصدقاء نتابع على شاشة التلفاز تداعيات اغتيال الشيخ أحمد ياسين وكانت تتكرر مشاهد يقوم خلالها شخص بالتقاط ما تبقى من الكرسي المتحرك الذي كان يستخدمه الشيخ كما تتكرر لقطات أخرى للشيخ وهو يتحدث بصوته الخفيض وعدم قدرته على الحركة وكان الذي يتبادر إلى الذهن، هل يشكل هذا الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الحركة إلا بصعوبة؟ هل يشكل خطراً على إسرائيل؟ وقبل أن أجيب عن هذا التساؤل قفزت إلى ذهني عبارة قالها شخص غير مسلم عن شيخ آخر مجاهد استشهد في المغرب العربي هو الشيخ الشهيد عمر المختار رحمه الله وأسكنه فسيح جناته والعبارة قالها أنطوني كوين وهو ممثل بريطاني قام بدور عمر المختار في الفيلم الذي أخرجه المخرج العالمي مصطفى العقاد وجرت أحداثه على الأرض التي استشهد على ترابها الشيخ عمر المختار. قال أنطوني كوين (كنت أعجب من متطلبات المخرج الذي كانت له رؤية خاصة حول دور الشيخ وكيفية ظهوره وكانت المشكلة أنني أمام شخصية عجيبة ذات أوجه متعددة فهو في الأساس معلم أطفال يقوم على تلقينهم الدروس ويتعامل معهم بمنتهى الحنان والرقة ويغرس فيهم مفاهيم سامية، وعلى الطرف الآخر من الشخصية هناك عمر المختار الذي كان يرعب غراتسياني ذلك القائد الفاشي الخالي من الشفقة كنت أحتار كيف أؤدي هذين الدورين لشخصية واحدة ولقد بلغت بي الأمور أنني أعتقدت أن المخرج يبالغ في وصف هذه الشخصية.
وبعد مدة من محاولات إتقان الدور اتضحت لي الإشكالية التي كانت تخفى علي وهي أن شخصية الشيخ عمر المختار أبسط كثيراً مما كنت أتصور فهو شخص تكمن قوته في ضعفه.
هذا الشيخ الكبير الذي يعاني حتى يقف قائماً ويصلح نظارته المكسورة حتى يتمكن من قراءة ما يكتبه الأطفال الذين يتجمعون حوله هو نفس الشخص الذي يقف أمام العدو بضعفه وقوة عدوه، بكبر سنه وشباب من يحاولون القبض عليه بملابسه البالية فيما يلبس غراتسياني وجنوده أزهى الملابس، بفرسه العجوز بينما يمتطي أعداؤه الدبابات والمدرعات ، كل هذا الضعف جعله في عيون أنصاره قوياً ، هذا ما قاله الممثل البريطاني أنطوني كوين عن عمر المختار. أما أنا فقد رأيت الشيخ أحمد ياسين رحمة الله عليه بكرسيه المتحرك وهو يُحمل على الأكتاف وعلمت بأن قوة هذا الرجل في ضعفه كما هو حال الشيخ عمر المختار. ورحم الله الاثنين.
|