ذات القوام المائس الميَّاد
أنعم بوجهكِ ذي الجمال البادي
لو كان في عهد الشبيبة صُنتهُ
أطوي عليه جوانحي وفؤادي
أمّا وقد وخط المشيب مفارقي
فعدا البياض على أثير سوادي
فلسوف أهجرُ وصلَ إلا من سعى
نحو العلا بعزيمة وسداد
مثل (المشير) فإن وافر فضله
صار الحديث لرائح أو غادي
هو (عبدُ رحمن) الذي نارت به
سُودُ الليالي في الزمان العادي
وهو السوار لمعصم السودان هل
بعد الأساور زينة لأيادي
ما كان مجدك طارفاً أو حادثاً
هو تالدٌ من سالف الأجداد
الأربعين ذوي المعارف والنهى
منذ ابن عيسى وارث البولادِ
قوم تعطر بالصلاح مسيدُهُم
بذلوا العلوم لحاضر أو بادي
ترتجُّ سُوحُهُمُ العشية والضحى
كطنين نحل ريع من أشهاد
ما بين منكفئ على قُرآنه
أو بين فان خاشع سجَّاد
أُورثت علمهم وحلما ظاهراً
وخلائقاً جلّت عن التعدادِ
إن قيل من عم العشيرة خيرُهُ
مُدَّت إليك أصابع وأيادي
أو قيل من أعيا المروءة يافعاً
قيل (المشيرُ) أخو السخا المُعتاد
أو حل خطب كنت حامل بنده
أو جل كسب كنت في الصُّداد
جاءتك ألوية المناصب خُفقاً
فرددتها بسجية الزُّهادِ
فحقنت أنهار الدماء وقد بدا
تيارها مُتلاطمَ الأزبادِ
وسلكت في الإيثار أروع مسلك
وغدوت حقاً رائد الروُّادِ
إن الكراسي لا يقاوم سحرَها
إلا لبيبٌ ذو حجاً وقادِ
فلذاك قُلِّدت المكارم قبل أن
تأتيك جائزة الكرام تهادي
إن الجوائز عند غيرك حُلة
يزهو بها متبختراً في النادي
لكن شخصك حُلةٌ قد زينت
هام الجوائز بالسنا الوقادِ
يا قائد الأمناء إن جهودكم
في خدمة الإسلام كالأطوادِ
فلأنت في حلق النصارى غُصة
مما تسوقُ الى السبيل الهادي
صارت مآذنك التي شيدتها
أمضى رماح في صدور أعادي
ومسحت بالكف الكريم مدامعاً
سالت على خد اليتيم النادي
وأنرت بالعلم الصحيح مجاهلاً
وشفيت جُرحاً غائر الأبعاد
وكشفت ضائقة الضعاف وغثتهم
وفككت من غُل ومن أصفادِ
فاعمل تُراثك في الوفاق فإننا
عصفت بوحدتنا نوى وعوادي
وانهض الى الخرطوم إن بسوحه
ضرب الشقاق رواسخ الأوتادِ
تشكو سقاماً فتَّ في أعضائها
واليأسُ خامرَ أنفس العُوادِ
حتام نلصق بالثرى ولغيرها
سلب الثريا يانعُ العنقادِ
فأعن على رأبِ الصُّدُوع وفتنة
وأدت أماني القوم في الميلاد
حتى تعاود ذي العقول عرينها
وتعود بعد النفي كالآساد
وختامها مُدُّوا الأكف ضراعة
متوجهين الى المجيب الهادي
وسلوه يشمل بالسلام بلادنا
لنقيم ركن بنائها المنآدِ
وادعوه يحفظ في وريف ظلاله
آل السعود معادن الإسعادِ
ويزيد (أحمد) في القبول فما ونى
يقفوكَ في الإصدار والإيراد
ويديمُ نعمتهُ عليك وفضلهُ
ما لاح برق أو ترنَّم شادِي