من جنين إلى الفلوجة

الضحية واحدة.. وهدف الجلاَّد واضح.. محدد سلفاً.. والتوقيت أيضاً واحد.
الأسبوع الأول من نيسان - أبريل من عام 2002 ميلادية نفذ جنود الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشعة في جنين في فلسطين، وفي الأسبوع الأول من أبريل هذا العام 2004م ينفذ جنود الاحتلال الأمريكي في مدينة الفلوجة في العراق مجزرة بشرية لا تزال فصولها تجري، ولا يزال شلال الدم العراقي يسير على الأرض العربية ممتداً من الأنبار حتى جنين عابراً نهر الأردن ليوثق الرابط بين الفرات والأردن. وإذا كان الجلاد واحداً لا يتغير، المحتل الذي يأتي من وراء البحار قاطعاً آلاف الأميال لقتل الإنسان العربي المسلم, ليحتل أرضه وينهب ثرواته، ويهين كرامته، فإن الضحية واحدة.. الإنسان المسلم العربي الذي تكالبت عليه الظروف وتضامنت مع أعدائه لإبادته.. ففي جنين أبيد المئات من الفلسطينيين الرافضين للاحتلال.. واليوم يباد العراقيون الذين تجاوزعدد الشهداء منهم المئات، والذين قد يصل عددهم الآلاف في ظل الصمت العربي والتواطؤ الدولي المريب، تماماً مثلما حصل ورافق مجزرة جنين.. يتكرر اليوم في الفلوجة التي يعلن الأمريكيون بلا خجل بأنهم سيزيلونها من الخريطة..!!
وفي كلتا المجزرتين، في جنين وفي الفلوجة، السلاح واحد، طائرات ال(اف 16)ومقاتلات الأباتشي المزودة بالصواريخ المحملة بالموت والدمار للإنسان والحضارة.. ومثلما تركت جنين أرضاً خربة ليتصدق أهل الخير من العرب لإعادة بناء ما دمره جنود الاحتلال الإسرائيلي.. سيترك جنود الاحتلال الأمريكي مدينة الفلوجة بعد أن يقتلوا أبناءها ويهدموا منازلها.. ولكنهم حتماً لن يفرغوا روح الفداء والشهادة والرجولة من أهلها وأبنائها.
ومثلما أصبحت جنين عنواناً للشهادة والفداء والرجولة في تاريخ النضال الفلسطيني ستصبح الفلوجة عنوانا كبيراً للمقاومة العراقية التي لن تخيفها الطائرات والصواريخ.