Saturday 10th April,200411517العددالسبت 20 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
اللهجة الحجازية
عبدالله بن بخيت

في أيام أصبحت الآن تاريخاً أغلقت ملفاته، تدافعت فنون الدراما السعودية تريد أن تجاري العهد الجديد الذي دشنه ظهور التلفزيون في حياة الناس. كان هذا في أواخر الستينيات من القرن الماضي. ما زالت ذاكرتي تعي تمثيليات حسن دريد وفرج الله (سعد خضر) ولطفي زيني وعبد الرحمن الخريجي والهذيل وآخرين لا أتذكرهم الآن. كانت الآمال عريضة والطموحات كبيرة والخبرات والموارد بسيطة.
كان حسن دردير هو نجم تلك الأيام بلا منازع. أحببناه وأحببنا خفة دمه وقدراته الكوميدية الرائعة. عندما أستعيد شريط الأيام الماضية يمكن أن أقول: إن حسن دردير كان يمكن أن يكون هو عادل أمام السعودية أو أن مشقاص الشخصية الشعبية البسيطة التي ظهر بها هذا الفنان كان يمكن أن تكون المعادل السعودي لغوار الطوشه السوري. ولكن الأمور تكركبت بشكل سريع فاختفى حسن دردير فجأة من الساحة الفنية ليقال إنه ظهر في ساحة العقار ثم لحقه من الباب نفسه لطفي زيني - رحمه الله - لنسمع أنه انتقل إلى تونس واستقر فيها كرجل أعمال. فتوقفت اللهجة الحجازية الخفيفة الدم عن الكوميديا السعودية منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا. وأصبحت المنطقة الغربية مزرعة لإنتاج كلمة دكتور. ففي كل مرة يظهر لنا فنان أو لاعب كرة بمواهبه يختفي فجأة ثم لا نلبث أن نسمع أنه أصبح يحمل لقب الدكتور وطبعاً كلمة دكتور تعني لبس البشت ودهن العود وكنادر بيض وهذه المواصفات ليس لها مكان في الفن وإنما وجهتها المناصب الحكومية فيدرج اسمه في (السرا) حتى يأتيه الدور في التعيين.
لا يمكن أن أحمل شهادة الدكتوراة كل المسؤولية فهناك أسباب أخرى من بينها اختلال معايير التقييم وتحولها إلى نوع من الوظيفة الإدارية تهتم فقط بناحية أو ناحيتين إداريتين وكذلك ضيق منافذ التعبير وانحصارها في التلفزيون الرسمي. كما لا يمكن أن نتجاهل أهم عامل وهو تحطم فكرة المسرح السعودي نهائياً. ولكني أبقي السؤال مفتوحاً: لماذا غابت الكوميديا عن اللهجة الحجازية وحل محلها بعض التمثيليات التلفزيونية الميلودرامية؟. وحتى في الدراما بصفة عامة نجد أن هناك تفوقاً واضحاً للهجتين النجدية والحسواية بصفة عامة. حتى أن عدد الفنانين من أي من المنطقتين الوسطى والشرقية يفوق عدد الفنانين من المنطقة الغربية.
مع الأسف فثراء المملكة في اللهجات والعادات وتنوع البيئات وإمكانات التعبير ما زالت غائبة عن إثراء الفن الدرامي. لا يعني هذا أن تكون لدينا تمثيليات باللهجة الفلانية يقابلها من باب الوطنية تمثيليات بلهجات أخرى، ولكني أعني أن البدايات يجب أن تكون بكل اللهجات؛ حتى تتكون بعد ذلك لهجة فنية واحدة بغض النظر، سواء كانت لهجة منطقة معينة أم خليطا من اللهجات، وأرجو ألا يفهم أن المسألة لها علاقة بالوطنية والتمثيل الوطني وغيرها من الحجج السياسية. ولكن الفن بصفة عامة يكون ثريا إذا تمت تغذيته بكل الروافد المتوافرة في البلاد.
نردد دائماً أن المملكة قارة ولكن لا نرى هذه القارة إلا على الخريطة فقط عندما نقارن مساحتها بمساحة الدول المجاورة وكأن كلمة قارة لا تعني سوى المساحة الجغرافية. مهما كبرت الأرض لا قيمة لها إذا لم تتنوع بسكانها وبعطائها. أظن - والله أعلم - تتحمل وزارة الإعلام الجزء الأكبر من المسؤولية في هذا المقام فهي الممول الوحيد للدراما السعودية؛ لذا يجب أن تضع خطة واضحة لدعم الفن الدرامي والكوميدي في كل مناطق المملكة.

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved