* روما - طارق عبدالغفار - أ ش أ:
رغم تأكيد المفوضية الأوروبية ضرورة التزام الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى بمعدل العجز في الموازنة التي حددتها اتفاقية النمو والاستقرار 3% من الناتج المحلي الإجمالي تواجه الإصلاحات المالية بتلك الدول مأزقا حادا نتيجة ارتفاع معدل العجز في ميزانيات الدول الكبرى كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا.
وتؤيد هولندا واليونان اتجاها يطالب بعدم التقيد باتفاقية النمو والاستقرار لتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.
وتواجه تلك الدول خفض عجز الموازنة إلى ثلاثة 3% لتجنب عقوبات مالية من جانب المفوضية الأوروبية وهو ما يهدد بانهيار اتفاقية النمو والاستقرار وعجلة الإصلاحات المالية والاقتصادية.
وتواجه إيطاليا مشكلة تخفيض الضرائب لزيادة معدل النمو الذي يواجه تهديدا من جانب المفوضية الأوروبية بشأن احتمال تعرضها لعقوبات حال زيادة معدل العجز في ميزانيتها.
وفي السياق نفسه يواجه أكثر من 50% من دول منطقة اليورو عجزا مستفحلا في ميزانياتها، ويرى محللون اقتصاديون أوروبيون أن تحذير المفوضية الأوروبية لإيطاليا بشأن احتمال تعرضها لعقوبات مالية حال انتهاكها لاتفاقية النمو والاستقرار سوف ينعكس سلبا على خطط رئيس الوزراء الايطالي برليسكوني بشأن خفض الضرائب.
وقال المحلل الاقتصادي دافيد براون: إن برليسكوني رئيس إيطاليا يسعى إلى خفض الضرائب بنحو 6 مليارات يورو بحلول عامي 2005- 2006 متذرعا بأن ذلك الإجراء لن يؤدي إلى تفاقم العجز بالموازنة.
وأضاف أن برليسكوني يعتقد أن تخطي المعدل الذي حددته اتفاقية النمو والاستقرار لا يعتبر انتهاكا صارخا للاتفاقية لأن ألمانيا وفرنسا ضربتا عرض الحائط بالاتفاقية العام الماضي رغم تهديدات المفوضية الأوروبية بفرض عقوبات مالية.
وتعاني إيطاليا (على عكس ألمانيا وفرنسا) من ارتفاع حاد في الدين العام الذي يبلغ معدلة 106 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (وهو أكبر من المعدل الذي حددته اتفاقية النمو والاستقرار 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي).
وتطالب إيطاليا بتعديل البند الخاص بمعدل الدين العام باتفاقية النمو والاستقرار لتدعيم الإصلاحات المالية والاقتصادية بدول الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت مؤسسة ستاندارد أند بورز أن العديد من الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا والبرتغال وجمهورية التشيك واليونان وبولندا تهددها مشكلة المديونية التي من المتوقع أن ترتفع إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050م.
وتحدد معاهدة ماستريخت الحد الأقصى للمديونية بالدول الأعضاء بنحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال موريتز كرايمر كبير المحللين الاقتصاديين بستاندارد أند بورز: إن تجاهل قضية الديون سوف يسفر عن تداعيات خطيرة تنعكس على النمو الاقتصاد الأوروبي والعالمي.
وأوضح المحلل الاقتصادي بايفي مونتر أن العديد من الدول الأوروبية كبريطانيا وإسبانيا والسويد نفذت إصلاحات في نظام التقاعد واتبعت سياسة سكانية متوازنة للتغلب على مشكلة المديونية على المدى الطويل.
وتواجه العديد من الحكومات الأوروبية مشاكل تتعلق بتنفيذ إصلاحات جذرية تتعلق بقوانين التقاعد حيث تخاطر بشعبيتها وفقدانها للسلطة في الانتخابات.
ففي ألمانيا تصاعدت مشاعر الغضب في أوساط المحالين للتقاعد ضد الحكومة في أعقاب تخفيضها للمزايا التي يحصل عليها المحال للتقاعد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وتوقع لورينزو كوندوجو كبير المحللين الاقتصاديين ببنك أو أميركا تخفيض الفائدة بنحو نصف نقطة مئوية في الربع الثاني من عام 2004 لدعم النمو بمنطقة اليورو.
وفي السياق نفسه أوضح وزير الاقتصاد الألماني فولفجانج كليمنت أن تراجع مؤشر الثقة في مناخ الأعمال بألمانيا والعديد من دول منطقة اليورو الكبرى يضفي مزيدا من التشاوم بشأن احتمالات النمو.ويرى محللون اقتصاديون ألمان أن احتمالات النمو بألمانيا تواجه مخاطر عديدة في ضوء تراجع معدلات الثقة في بيئة الأعمال ومعدلات الإنفاق الاستهلاكي.وأشار المحلل الاقتصادي كونراد ماترن إلى أن البنك المركزي الأوروبي سوف يتحرك إن عاجلا أو أجلا لتخفيض معدل الفائدة (الذي يبلغ حاليا 2 في المائة) في محاولة لتدعيم مؤشرات النمو في منطقة اليورو.
وفي السياق نفسه تطالب الدول الكبرى بمنطقة اليورو وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا بتأجيل تنفيذ الإصلاحات المالية حتى عام 2005 لتعزيز النمو في اقتصادياتها التي تعاني من التباطؤ.وقال بدرو سولبس مفوض الشؤون المالية بالاتحاد الأوروبي: إن تأجيل تنفيذ الإصلاحات المالية سوف يقوض مصداقية السياسات المالية الأوروبية ويضر باتفاقية النمو والاستقرار التي تستهدف خفض معدل العجز في ميزانيات الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بنحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن الخلافات الحالية بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بشأن تنفيذ الإصلاحات المالية سوف تخلق حالة من الترقب وعدم الاستقرار بالأسواق الأوروبية، وأشار إلى أن تأجيل تنفيذ الإصلاحات يعني استمرار انتهاك اتفاقية النمو والاستقرار طيلة العام الحالي.
|