ولم تكن مذبحة دير ياسين إلا صورة مؤلمة من صور النكبة التي كشفت عن قبح الوجه الاستيطاني لليهود، حيث تعرضت القرية لهجوم من قبل عصابتين صهيونيتين متطرفتين هما: (الاتسل) و(الليحي)، واتَّجهت مصفحاتها نحو القرية تصُبُّ نيرانها على أهلها الذين قاموا بدورهم بإطلاق الرصاص على المحتلين لفترة استمرت حتى السادسة والنصف صباحاً.
فكان المناضلون من أهل القرية يشكلون قوة لا يستهان بها لحماية النساء والأطفال والشيوخ والجرحى في القرية ولم يتمكن حراس الخطوط الأمامية في القرية من الصمود أمام هذه الحشود الآثمة، فانسحبوا إلى مواقع دفاعية جديدة بعد أن استشهد العديد منهم العدو، وكافح أبناء القرية كفاح الأبطال.
ولم تكن دير ياسين بحاجة إلى ذلك الهجوم الكبير الذي قامت به عصابات الاحتلال لتنفيذ (الحمَّام الدموي) حسب وصف قادتهم للعملية الإجرامية، وإنما كان جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى تحطيم المقاومة العربية الفلسطينية عسكرياً، وإخلاء العرب من مدنهم وقراهم بإثارة الرعب والفزع في صفوفهم، وهكذا تمت الخطة وتمت السيطرة على دير ياسين، وقتل عدد كبير من أهاليها قبل تمكنهم من النجاة من المذبحة.
وزاد عدد الشهداء على المائة وعشرين حسب مصادر مركز الوثائق والأبحاث في جامعة بير زيت، وبلغ عدد سكان أهالي قرية دير ياسين عشية المجزرة أكثر من 750 نسمة وفق إحصائيات الانتداب البريطاني.
وفي كانون الأول عام 1948م صرح بن جوريون بقوله: (إن الانتصارات الأخيرة هي إحدى المقدمات لأهداف إسرائيل البعيدة، فاستعدوا للوصول إلى الهدف النهائي في بناء الدولة اليهودية وجلب يهود العالم جميعًا).
وقال مناحيم بيغن، الذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء لإسرائيل: (ما وقع في دير ياسين وما أُذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب المعارك الحاسمة في ساحة القتال، وساعدت أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبريا وغزو حيفا).
ومذبحة دير ياسين هي واحدة في مسلسل المجازر التي اقترفتها العصابات الصهيونية لتثبت ادعاءها الكاذب بأن فلسطين أرض دون شعب لشعب دون أرض.
|