في يوم الجمعة الثاني عشر من شهر صفر لعام 1425هـ وتحديداً بعد صلاة العشاء ، ُفقِد رجل من أهل العلم ، رجل عرفته وأحببته في الله ، رجل نذر نفسه ووقته لخدمة دين الله وإيضاح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فُقد رجل وشيخ فاضل يستضاء بعلمه وعمله ، شيخ كان مشعل هداية ومنبر توجيه ، فيه من أخلاق العلماء وصفاتهم النبيلة وأفعالهم الحميدة الشيء الكثير.
شيخ سار على منهج سلف هذه الأمة ، آتاه الله العلم فهو يتفجر من جوانبه ومن أوتي العلم فقد أوتي خيرا كثيرا ، قال الله تبارك وتعالى {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (269) سورة البقرة ، قال ابن قتيبه والجمهور : الحكمة ، إصابة الحق والعمل به وهي العلم النافع والعمل الصالح وكذا كان شيخنا رحمه الله ولله در الشاعر حيث قال:
لو أن لي حيلة أهديته مُقلي
فليس شيء على شيخ الهدى غالي |
لقد توفي الشيخ الدكتور عبدالسلام بن برجس العبدالكريم رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، كان رحمه الله يدافع عن أهل السنة ويقمع أهل البدعة ويبين عورهم بقال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذا ما اقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه اليه ألا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة إما في قلوب أمثاله وأما في كتب ينتفع بها الناس بعده ، فهذه كُتبهُ بين أيدينا ونصائحه وتوجيهاته تقرع مسامعنا . وقد قال الله جل جلاله في محكم آياته { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (11) سورة المجادلة .. وقد قيل في تفسير هذه الآية الكريمة يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم.
ورفعة الدرجات تدل على الفضل اذ المراد به كثرة الثواب وبها ترتفع الدرجات ورفعتها تشمل الرفعة المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة. فلله الحمد حصلت له الأولى ونسأل الله جلا وعلا له الاخرى انه جواد كريم . وينطبق على شيخنا ما قاله الامام أحمد: (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لا بليس قد احيوه وكم من ضال جاهل قد هدوه ، فما أحسن اثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تأويل الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين).
اسأل الله جل وعلا بمنّه وكرمه ان يجعلنا على النعم شاكرين وعند البلوى والمحن صابرين ، كما نسأله تبارك وتعالى ان يغفر لشيخنا ويجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان انه خير مسؤول.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين.
|