Friday 9th April,200411516العددالجمعة 19 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

السلامة على الطرق... شعار يوم الصحة العالمي لهذا العام السلامة على الطرق... شعار يوم الصحة العالمي لهذا العام
د. محمد حسن مفتي/مدير عام برنامج مستشفى قوى الأمن -رئيس مجموعة الخدمات الطبية الطارئة باللجنة الوطنية للسلامة المرورية

أقرت منظمة الصحة العالمية أن يكون شعار يوم الصحة العالمي لهذا العام 7 أبريل 2004م (سلامة الطرق في منع الحوادث)وذلك بعد أن نجح عقد العظام والمفاصل (2000م - 2010م) بفضل التعاون والعمل المشترك مع العديد من المنظمات الدولية في إدراج موضوع الوقاية من إصابات حركة المرور على جدول أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وقد أدلى السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان ببيان أكد فيه أن السلامة على الطرق هي مشكلة صحية عامة ورئيسية على نطاق العالم، وحث فيه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على وضع خطط تصحيحية وأشار أن هدف اجتماع الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة المقرر عقده في 14 أبريل 2004م هو توحيد جهود وكالات الأمم المتحدة ومساعدة الدول الأعضاء على وضع خططها الفردية في المكان الصحيح.
وتفيد الإحصاءات أن (3000) حالة وفاة تقع يومياً بسبب الحوادث المرورية في جميع أنحاء العالم أي بمعدل حالة وفاة واحدة كل ثلاث ثوان، وفي بعض الدول الفقيرة تزداد المشكلة بدرجة مخيفة تصل إلى (60) ضعفاً.
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية عن عبء المرض والإصابات في العالم إلى أنه خلال (20) عاما من الآن سوف تنتقل الإصابات من المركز التاسع إلى المركز الثالث على قائمة الأسباب الرئيسية المؤدية للوفاة والعجز حول العالم، وسوف يسبقها فقط أمراض القلب.
وحسب التقديرات فإنه قد توفي في العام 2000م (1.26 )مليون شخص في أنحاء العالم نتيجة للإصابات المرورية وهذا يمثل 25% من مجموع كافة الوفيات الناجمة عن الإصابة. وأظهر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن أزمة سلامة الطرق في العالم اهتماماً بالتكاليف الاقتصادية لإصابات الحوادث المرورية التي تبلغ (518) مليار دولار سنوياً على نطاق العالم، وتتحمل الدول النامية (100) مليار دولار من هذه التكاليف.
وعلى الرغم من أن مشكلة الحوادث المرورية مشكلة عالمية إلا أن حدوثها يزداد هنا في المملكة العربية السعودية، ففي الآونة الأخيرة ازدادت حوادث السيارات بشكل طردي مع الزيادة في أعداد السيارات المسجلة والتي تخطى عددها حاجز الخمسة ملايين سيارة في حين كانت حوالي (150.000) سيارة عام 1971م.
ولا تزال الإحصاءات المرورية تذهلنا عاما بعد عام، فهي تفصح عن تفاقم الحوادث المرورية وفداحة ما ينتج عنها من وفيات وحالات إعاقة مما يجعل تاثيرها ممتداً على كل من يتعرض لها معنويا أو مادياً، عطفاً على خسارة الوطن للكثير من الكفاءات والأموال نتيجة للحوادث.
وتشير آخر الإحصاءات المستقاة من التقرير الإحصائي السنوي للإدارة العامة للمرور في المملكة لعام 1423هـ بأن عدد الحوادث المرورية لهذا العام بلغ (223816) حادثاً، وعدد الوفيات (4161) حالة وفاة، أي أن هناك (19) وفاة لكل ألف حادث وبهذا يكون هناك شخص متوفى كل ساعتين على مدار العام، كما بلغ عدد الإصابات (28372) إصابة منها أكثر من (2000) حالة تصنف على أنها إعاقة دائمة كما أن نصف تلك الأعداد هم أقل من ثلاثين سنة، وبتحليل هذه الأرقام يفقد الوطن يومياً 12 شخصاً أي أن حوادث المرور هي العامل الأول للوفيات في المملكة وتفوق في ذلك معدل الوفيات بسبب أي مرض آخر.
ولا يتضمن هذا العدد حالات الوفيات التي تحدث في المستشفيات بعد نقل المصابين في الحوادث أما إذا اضيفت إليها فإن حجم المشكلة المرورية في تزايد. وبينما يعتبر الموت والعجز أكثر النتائج المأساوية لحوادث الطرق، إلا أن العبء المالي على اقتصاد المملكة يعتبر أيضاً أمراً بالغ الأهمية، إذ إن خسارة السنة الماضية المتعلقة بحوادث الطرق كانت ما يقارب 21 مليار ريال وهذا ما يعادل 4.7% من إجمالي الناتج الوطني.
وتعد الأخطاء البشرية هي المحور الذي تدور حوله حوادث السير، إذ تشكل أخطاء الإنسان سائقين او مشاة حوالي 80% من العوامل المؤدية للحادث بينما تشكل العوامل الأخرى (خلل المركبة- عوامل الطريق) 20% منها.
ويلاحظ أن ثلث المتوفين تتراوح أعمارهم ما بين 18 - 29 عاماً كما أن نصف المتوفين تقل أعمارهم عن 30 عام وفي ذلك دلالة على أن الشباب في مقتبل العمر هم الأكثر تعرضا للوفيات في الحوادث المرورية.
ويأتي عدم الالتزام بالقواعد والأنظمة المرورية على رأس الأسباب التي تؤدي لحوادث الطرق، و 75% منها تقع إما بسبب السرعة أو تخطي إشارات المرور، وهذه تعد نسبة كبيرة بالمقارنة مع الدول الأخرى. كما أن الكثيرين من سائقي السيارات لا يهتمون كثيراً بربط أحزمة الأمان التي ثبت علمياً مدى جدواها في التقليل من خطورة الإصابة عند وقوع الحوادث خصوصاً إصابات الرأس والعمود الفقري.
والسبب الثاني هو قيادة صغار السن للسيارات حيث نرى شبابا أو بالأحرى أطفالاً ومراهقين مصابين في الحوادث المرورية نتيجة لقيادتهم السيارات ونجد فيهم من لم يبلغ الرابعة عشرة بعد.
فكيف يستطيع طفل في هذا السن أن يتصرف عند تعرضه لمشكلة طارئة في سيارته، أو عند حدوث موقف يتطلب سرعة بديهة وخبرة في القيادة ؟! ويؤكد المنطق أن الأطفال لن يحسنوا التصرف في المواقف التي تحتاج لنضج البصر والبصيرة وسرعة رد الفعل السليمة.
ولتقليل حوادث الطرق لابد من إيجاد حلول تساير الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات وتطبيق قانون المرور بكل حسم وصرامة على جميع فئات المجتمع، وذلك يتطلب تبني استراتيجية ناجحة للوقاية من هذه الحوادث، ومنهج عملي متعدد القطاعات مثل الصحة، النقل، التعليم، البيئة، وغيرها وجمع المعلومات والبيانات لأجل عرض الأثر الصحي والاجتماعي والاقتصادي لحوادث الطرق المرورية والطرق المثلى لمعالجتها.
ومن موقعي كجراح عظام ومفاصل ولكثرة مشاهدتي اليومية للعديد من الإصابات الخطيرة والناتجة عن الحوادث المرورية أتوجه إلى إدارة المرور بأهمية تكثيف الحملات المرورية على الطرق الرئيسية والفرعية في جميع مناطق المملكة للتأكد من تطبيق النظم المرورية والتأكيد على ربط حزام الأمان، واستخدام الرادارات لكشف السرعة في الطرق الرئيسية وفرض النظام على الخارجين عنه بممارسة هواية التفحيط التي تتسبب في وقوع الكثير من الحوادث والتي ليس لها ما يبررها.
إن الحد من الحوادث المرورية لا يمكن أن يتأتى وبشكل فعال إلا من خلال إيجاد جيل مروري واع، يحس من أعماقه بدافع داخلي، ووازع عملي بأهمية الالتزام بآداب المرور وأنظمته وتعليمات العناية بالمركبة، واشتراكات القيادة الآمنة.
وفي تصوري أن تعليم النشء أصول القيادة الآمنة وإدخالها ضمن المناهج التعليمية في المراحل الدراسية خاصة المتوسطة والثانوية، وتدريبه عليها، وشرح الأنظمة والقوانين المرورية ليستوعبها كثيراً، سيسهم في تعزيز الوعي المروري ويعمل على تاصيل عادات وسلوكيات جديدة قوامها المعرفة والرغبة والتطبيق الأمثل للقواعد المرورية وسوف تظهر فوائد ذلك جلية في المستقبل وسيكون لها أثر إيجابي على المدى الطويل.
كما يجب ألا تغفل دور الأسرة في هذا الصدد، إذ يجب عليها مراقبة الأبناء وتوجيههم وإرشادهم إلى اتباع الطرق الصحيحة في تعلم فن القيادة بطرق منظمة وعن طريق المدارس الخاصة بتعليم القيادة، وعدم السماح لهم بتعلمها عن طريق المحاكاة وتقليد الآخرين، أو دون بلوغ السن القانونية للقيادة امتثالاً للحديث النبوي الشريف (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
كما أن على القطاع الصحي مسؤولية جسيمة تبدأ في تقديم الإسعافات الأولية للمصابين بحوادث الطرق واتباع الطرق الصحيحة لنقل المصابين وإيصالهم إلى مراكز الإصابات والمستشفيات المتخصصة في علاج الإصابات المرورية.
إن التدريب واكتساب المهارات فيما يخص الإنعاش القلبي الرئوي والإسعافات الأولية وطرق نقل المصابين مطلب أساسي لجميع العاملين في القطاع الصحي كما أن على أطباء جراحي العظام والمفاصل أخذ التدريب العملي الكافي لتثبيت الكسور بالطرق الصحيحة من أول مرة، أو إحالة المصاب إلى مستشفى تتوفر لديه الخبرات البشرية والإمكانيات الآلية.
نسأل الله السلامة للجميع... والله الهادي إلى سواء السبيل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved