وقف العالم أول أمس مشدوهاً مرة أخرى أمام أهوال مذبحة رواندا التي راح ضحيتها 800 ألف شخص في الذكرى العاشرة لهذه المذبحة، لكن بينما كان يتم إحياء الذكرى كانت الفلوجة العراقية تشهد مذبحة حقيقية تستوجب اهتمام العالم.
العراق، ولا يمكن دائماً حصر الأرقام وتقديم الحقائق كاملة في بلد بات بأكمله تحت القصف والنيران التي تلتهمه من كل صوب.
وفي الفلوجة وغيرها يبدو أن الأرقام مرشحة للارتفاع، خصوصاً إذا انقادت القوة العسكرية الرئيسية في البلد، وهي قوات الاحتلال، وراء مشاعر وجنون الرغبة الجامحة في الانتقام؛ إذ إنه من الواضح أن مقتل وحرق أربعة أمريكيين في بداية الأسبوع المنصرم أطلق موجةً من التصريحات الممزوجة بالتوعدات والتهديدات وروح الانتقام ضد سكان الفلوجة. وبينما توقع الكثيرون أن إجراءات عسكرية منتظمة ستكون هي الوسيلة لملاحقة قتلة الأمريكيين الأربعة، فقد رأينا الانفلات العسكري والقتل العشوائي من قِبَل القوات الأمريكية لأهالي الفلوجة، حتى إن أسرة واحدة فقدت 26 من أفرادها جلهم من النساء والأطفال في القصف الجوي الأمريكي.
ولن يفيد دولة عظمى أن تنقاد هكذا وبسهولة للرغبة في الانتقام، بينما تحتاج الأوضاع لكل الحكمة والتروي في بلد متوتر من أقصاه إلى أقصاه.
لقد ذرف المجتمع الدولي أول أمس الدموع في الذكرى العاشرة لمذابح رواندا، وعض أصابع الندم على تقصيره في منع المذبحة، بينما كان في إمكانه أن يفعل الكثير.
غير أن ذخيرة البشر من الشر تبدو كافية لمذابح أخرى، ففي الفلوجة بدأت بالفعل مذبحة كبرى، وعلى العالم أن يهرع لإنقاذ هؤلاء الناس قبل أن يعض أو ربما يزدرد أصابع الندم. وعلى الأمم المتحدة أن تثبت أنها قادرة على تفادي الأسوأ، وأن تسعى إلى تسجيل سابقة خيرة تعوض عن ذلك الفشل الكبير في رواندا وغيرها.
|