النصحية - كما جاء في الحديث - تكون لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكتاب الله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، وقد أوضح العلماء الأجلاء معنى هذه النصيحة فيما يحكيه ابن حجر قال: (النصيحة لله وصفه بما هو له أهل، والخضوع له ظاهراً وباطناً، والرغبة في محابه بفعل طاعته، والرهبة من مساخطه بترك معصيته، والنصيحة لكتاب الله: تعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة، وتفهُّم معانيه وحفظ حدوده، والعمل بما فيه وذبّ تحريف المبطلين عنه.
والنصيحة لرسوله: تعظيمه ونصره حياً وميتاً، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وأفعاله ومحبته ومحبة اتباعه.
والنصيحة لأئمة المسلمين: إعانتهم على ما حملوا القيام به، وتنبيههم عند الغفلة، وسدّ خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم، ودر القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن، ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد، فالنصيحة لهم ببثّ علومهم، ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم، أما النصيحة لعامة المسلمين: ففي الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وكفّ وجوه الأذى عنهم، وان يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه).
ا.هـ من كلام ابن حجر رحمه الله.
أخي الكريم:
إن النصيحة إذا قدمت على الوجه المطلوب فإنها ترقق الفؤاد وتشرح النفس، وتبهج الصدر، وتؤتي ثمارها بإذن الله عز وجل، وقبل ذلك كله ترفع الدرجات وتحط من الخطيئات؛ لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الدين النصيحة).
والنصيحة ينبغي أن تكون في السر وإلا انقلبت الى فضيحة، قال الشافعي رحمه الله:
تعهدني بنصحك في الفرادى
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تغضب إذا لم تُعطَ طاعة |
( * ) الرياض |