Friday 9th April,200411516العددالجمعة 19 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أأنتم أعلم أم هم؟ أأنتم أعلم أم هم؟
أحمد بن جزاع الرضيمان ( * )

قال صاحب كتاب (الصراع بين الإسلام والوثنية): (إذا قلت: إني لا أحس ألماً. فقال لك قائل: بل إنك لتحس ألماً مبرحاً، فهل ترد على ذلك القائل، بأصدق من أن تعيد ما قلت، فتقول: إني لا أحس ألما؟)اهـ.
تذكرت هذه العبارة عندما سمعت عبر التلفاز، أصحاب الفكر التكفيري، يقولون: ليس للفقر وصعوبة المعيشة، أي تأثير في انحرافهم، وإنما سبب الانحراف، هو التأثر بالكتب التي تدعو إلى العنف والتكفير، والثورة على الحكام، وذكروا بالخصوص كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب رحمه الله.
بينما يصر بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة على القول: إن سبب انحراف أولئك هو الفقر وصعوبة المعيشة، وربما ذكروا أن الأعداء هم السبب، وربما ذكروا - أيضاً - أسباباً أخرى، ليس منها بالطبع السبب الذي ذكره التكفيريون أنفسهم، فما تفسير ذلك؟
ألم يقل سيد قطب في ظلال القرآن 4-2122 ما نصه (إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله، والفقه الإسلامي)اهـ.
وقال أيضاً: (لعلك تبينت مما أسلفنا آنفاً، أن غاية الجهاد في الإسلام هي هدم بنيان النظم المناقضة لمبادئه، وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها، واستبدالها، وهذه مهمة - مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام - غير منحصر في قطر دون قطر، بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينه، أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة، هذه غايته العليا، ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره، إلا أنه لا مندوحة للمسلمين، أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم، بإحداث الانقلاب المنشود، والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها)اهـ. الظلال 3-1451
ولا سيما ونحن نعلم أن التكفيريين من ذوي الدخل الجيد فمنهم المدرس، ومنهم الإداري، ومنهم فوق ذلك، أما أئمة التكفير فهم من أغنياء العالم كما هو معلوم، وأيضاً: ذكر الله تعالى أن الغنى قد يكون سبباً للطغيان فقال: (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، ورسولنا- صلى الله عليه وسلم- لم يخش علينا الفقر، وإنما خشي علينا ضده فقال: (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم...)، وكثير من الآباء والأجداد عاشوا فقراء، وماتوا فقراء، ولم يكونوا إرهابيين، وإنما كانوا صالحين مصلحين، فالتعليل إذن بالفقر عليل بل ميت.
وهكذا القول: إن الأعداء هم السبب، ورحم الله الملك عبدالعزيز حيث قال: (من خطأ الرأي الذهاب إلى أن الأجانب هم سبب هذه التفرقة، وهذه المصائب، إن سبب بلايانا من أنفسنا لا من الأجانب) انظر: رسائل أئمة التوحيد ص 152، وقال أيضاً: (في بلاد العرب والإسلام أناس يساعدون الأجنبي على الإضرار بجزيرة العرب والإسلام، وضربها في الصميم، وإلحاق الأذى بنا، ولكن لن يتم لهم ذلك إن شاء الله، وفينا عرق ينبض) المرجع السابق ص 152
ونحن نخشى أن يكون اختلاق الأسباب الواهية، وسيلة لتضييع السبب الرئيس، وتعمية عن الوصول إلى تحديد المعلومة الصحيحة.
وقديماً: حاول الذين كانوا قبلنا من الضالين، أن يضيعوا المعلومة الصحيحة، لئلا يعرف المتسبب، فقالوا في حق نبينا- صلى الله عليه وسلم- قولتهم المشهورة: (حتى يضيع دمه في القبائل). فلنحذر سننهم.
ولنحذر أيضاً: من الإجمال والعمومات، وعدم الوضوح في كشف هذا الفكر المنحرف الذي يهدد الجميع، لا بد من الدقة، والصدق في الطرح، ولا بد أيضاً من أن نضع أيدينا على الجرح وإن أوجع، لأن الإجمال وعدم البيان، سبب في إفساد الأذهان والأفكار، بل والوجود.
وما أحسن ما قال ابن القيم:


فعليك بالتفصيل والتبيين فال
إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا ال
أذهان والأفكار بالهذيان

( * ) حائل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved