Friday 9th April,200411516العددالجمعة 19 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوازع نوازع
إلى متى؟
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة كانت كثير من دول آسيا بل جميعها تعيش بعيدة عن التقنيات الحديثة ووسائل الإنتاج ذات التقنية العالية، ما عدا اليابان التي كانت تحفل بشيء من التطور التقني، غير أن ذلك تم تدميره أثناء الحرب العالمية.
استمر الحال كذلك وبدأت اليابان في إعادة ترتيب بيتها من الداخل، وأخذت في تقليد المنتجات الغربية حتى تضجر الغرب منها، ثم ما لبثت أن أصبحت مبدعة في إنتاج ما تتطلبه الأسواق العالمية من منتجات ذات تقنية عالية. لقد كنا في وقت ليس ببعيد ننعت المنتج غير الجيد بأنه ياباني وها نحن اليوم نعتبره رمزاً للجودة.
بعد أن تبوأت اليابان مقعدها في السوق العالمي من خلال تقنياتها العالية، التفت جيرانها نحوها بشيء من الإعجاب، أخذوا في محاكاتها بشكل بدائي، وبسرعة فائقة أصبحت كوريا الجنوبية تحرز تقدما في اقتحامها السوق العالمي؛ فحققت في بادئ الأمر شيئاً من التقدم بتقنيات رديئة الجودة ثم متوسطة حتى وصلت الآن إلى منتجات تضاهي في جودتها تلك المنتجات من العالم المتقدم، ولم نعد نسمع بذلك النعت المألوف بأنه منتج كوري للدلالة على مستوى جودة متوسطة بل أصبح في عداد الجيدين، وتلتها في ذلك ماليزيا في بضع سنوات بذلت خلالها حكومة الدكتور مهاتير محمد الكثير خلال عشرين عاماً، ومن المؤكد أن تسير حكومة عبد الله بدوي على نفس النهج. أما الدولة الإسلامية الكبيرة إندونيسيا فقد بدأت ذلك المشوار ثم ما لبثت أن تباطأت بعد الأزمة الآسيوية التي استجابت خلالها إندونيسيا للاقتراض المشروط الذي ساهم في الحد من انطلاقتها.
واليوم جاء دور العملاق الصيني الذي أخذت بضائعه تتسلل إلى الأسواق العالمية في أدب جم ودون إثارة أو جلجلة وصخب إعلامي، بل إن الصين في مواقفها الرسمية تعتبر نفسها من دول العالم الثالث التي تحتاج إلى الكثير من المساعدات الفنية من دول العالم. قدم العملاق الصيني بمعدل نمو يتراوح بين 9 و12% وظل على هذا النهج خلال أكثر من عشر سنوات رغم ما اعترى العالم من نكسات اقتصادية.
وعندما يحدث نمو في بلد يمثل عدد سكانه 22% من إجمالي سكان العالم فهذا يعني تأثيراً كبيراً على الاقتصاد العالمي أجمع وتغيراً في المراكز الاقتصادية العالمية، وعليه فالصين أصبحت ثاني أكبر مستهلك للبترول في العالم بعد الولايات المتحدة.
والتقنية الصينية في مرحلة انتقالية كتلك التي مرت بها اليابان وكوريا رغم ضخامة الإنتاج وكبر حجم السوق، وخلال ما يزيد على ثلاث سنوات مضت عشت خلالها في هذا البلد الكريم رأيت تطورات مذهلة في الانتقال المتسارع في جودة المنتجات الصينية، فأصبح من اليسير الحصول على منتجات صينية ذات جودة منافسة لمثيلاتها في الدول الأخرى.
إنني على يقين أنه بعد بضع سنوات فقط ستصبح الصين عملاقا جديدا سيحصل على نصيب الأسد من السوق العالمي.
والآن ماذا عن منطقتنا العربية الكريمة، وهي التي ظلت تراقب ما يجري في العالم من تطور تقني دون أن ترغب في ملامسة هذه التقنية؟ وماذا عنها وهي التي تستقبل في أسواقها جميع التقنيات المنتجة في العالم دون أن نجد منتجاً واحداً من أصل عربي؟
لماذا تمتلئ الأسواق ب(سوني) و(إل. جي)، و(فيلبس)، و(سيمنز)، و(آي. بي. إم)، و(متسوبيشي) و(كومباك)، وغيرها كثير ولم نجد ماركة عالمية واحدة من إنتاج عربي ؟!!! بل تعدى ذلك التقنيات إلى الملابس والحذاء!!!!
إن أمرا كهذا يدعو إلى الغرابة حقاً, وإلى طرح الكثير من التساؤلات حول وجود الرغبة من عدمها، أو وجود الرغبة مع عدم توافر إمكانية التنفيذ، أو وجود الرغبة مع الكسل عن التنفيذ، أو وجود الرغبة مع الفشل الإداري الذريع، أما إذا لم تكن الرغبة موجودة فالأمر منتهٍ من حيث المبدأ.
التقنية هي الحل الأمثل لمنطقتنا، وهي الحل الأفضل، فهل نحن جادون في خطب ودها ومن ثم الزواج منها، أم سنقف عند حدّ الإعجاب وكفى؟ لست أدري!!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved