Friday 9th April,200411516العددالجمعة 19 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

صائدة العصافير صائدة العصافير
سعد البواردي

هي قطة من أصل أمريكي.. اشترتها ابنتي صغيرة في شهورها الأولى.. طبّعتها.. وطوّعتها قبل أن تتتشكل طباعها، وتتمرد على الطاعة بعد أن تكبر لها أظافر وأنياب.. فالعود كما يقول المثل على أول ركزة. والتعليم في الصِّغر كالنقش في الحجر كما يقول المثل الآخر..
شبّت طيعة.. ومستأنسة، وقد أدركت أن للعصيان عقابا يتمثل في ضرب حصار من التجويع لا يفضي إلى قتل، كذلك الحصار القاتل الذي ضربته أمريكا على شعب العراق لأكثر من عام وانتهى باحتلاله.. كانت تطعم مما نطعم سواء بسواء، لأنها مخلوق له حق الرعاية والرحمة..
ولأن الطبع يغلب التطبع.. وبعد أن استوى عودها ونمت أظافرها.. وأنيابها تذكرت أصلها وبيتت مكيدتها.. ولكن مع من؟!..
معنا!.. إنها لا تقدر.. فنحن أعطيناها دروس الثواب والعقاب.. لأننا نملك أدوات القوة.. ومن يمتلك أدوات القوة يظل في مأمن من الغدر والمكيدة..
إذاً.. لابد وأن تبحث لها عن ضحايا لا يملكون القدرة على المواجهة والمجابهة والدفاع عن النفس.. ولأنها من سلالة يمينية متطرفة متعطشة للدم لم تعدم الوسيلة ذلك أنها تتميز بفكر شيطاني رغم رقة ملمسها ووداعتها الظاهرة.. فالكيل بمكيال واحد لا يمنحها حرية الحركة.. ولا التحفز.. ولا التميز.. ولا إثبات الذات.. وقد رضعتها جميعا من ثدي حسبها ونسبها!!
وكما قال (أرخميدس) (وَجَدْتهُا).. فقد وَجَدتها.. وعلى مقربة منها دون عناء أو مشقة دون حاملات طائرات.. ولا منصات صواريخ موجهة.. ولا أسلحة فتاكة محرمة..
أظافرها المدببة.. وأنيابها كافية لأن تصرع ضحاياها في اقتناص دونه اقتناص الصقور.. أو النمور الجائعة.. من هم الضحايا المساكين إذاً؟!..
انها عصافير بريئة ومسالمة تسرح وتمرح داخل حديقة الدار.. لقد حولتها إلى ما يشبه المجزرة دون مقبرة.. ما أن تشهد باب الدارة مفتوحا تتسلل في خبث حيث الضحايا الذين يتساقطون بين يوم وآخر.. يمكن فهم هذا التعدي الوحشي بدافع الجوع وملء البطن.. ولكنه غير ذلك.. انه بدافع غريزة القتل لمجرد القتل.. إنها تتوقف أمام جثث عصافيرها تشمت فيهم، وفي ضعفهم دون أن تطالهم.. باحثة عن ضحايا جدد.. قطة أمريكية تحترم القوة. وتزدري الضعف..

الرياض ص.ب 231185 الرمز 11321


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved