هذا المعوق الذي هو فرد منا يلقى عظيم اهتمام من الأمير سلطان، فمن أجل كرامة المعوق وانسانيته كإنسان ومسؤولية المجتمع عنه، وعن صحته وتأهيله قامت بتوجيهات سموه مؤسسات رعاية، ومراكز تأهيل، ومصانع أطراف، ودعمت بخبراء على أعلى المستويات التقنية والفنية، وتقام الندوات والمحاضرات والبحوث والتوجيه الإعلامي بأعلى قدراته، وإلى جانب ذلك كله، يتواصل ركب عطاءات أمير الخير ليخرج من حدود الإقليمية ويلغي الحواجز والسدود ويفرد متاعه شرقاً وغرباً سحابات خير تظلل المحرومين، وكمثال، وليس حصرا، نشير إلى استعدادات تجري في هذه الأيام على قدم وساق لإقامة مؤتمر عربي إقليمي بشأن المعايير المتعلقة بالتنمية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقات الذي سيعقد في بيروت بين 27-29 أيار مايو القادم 2004.
والمهم في هذا المؤتمر، أوراق العمل التي ستقدم وتدرس وتناقش فيه، والتي يمكن ان تدفعنا إلى القول: إننا في بداية عصر جديد ورؤية علمية في هذا المجال، ومن هذه الأوراق على سبيل المثال والإيجاز:
- ورقة عمل حول الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق المعوقين وكرامتهم.
- ورقة عمل إقليمية حول وضع الإعاقة في الدول العربية.
- ورقة عمل بعنوان (سياسة وخطة جامعة الدول العربية المتعلقة بقضايا الإعاقة).
- دراسة حول السياسات والتشريعات والحقوق الخاصة بذوي الاعاقات بالدول العربية.
- دراسة حول السياسات والتمكين في الدول العربية.
- دراسة حول السياسات المبنية على اعتماد المنهج الإنمائي القائم على حقوق الأشخاص المعوقين (الضمان الاجتماعي-المساعدات-تشغيل المعوقين).
يمكن لنا بعد هذه الإشارات العجلى أن نتوقف أمام تجربة رائدة في هذا المضمار، تتمثل في حمله الأمير سلطان بن عبدالعزيز للرعاية الاجتماعية والتثقيف الصحي والتأهيلي، فإذا كنا في الماضي أمام حملات إحسان، أو جهود يقوم بها متبرعون، وإذا صرنا أمام اتفاقيات دولية وعربية لتعزيز حقوق المعوقين وكرامتهم، فإننا بهذه الحملة الحميدة نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً بين النظري والتطبيقي، بين الأقوال والأفعال، حيث وفرت حملة سموه النموذج التطبيقي لكل اتفاقيات حقوق المعوقين عبر ما وفرته من خلال مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل وآليات تطبيقية لاحترام انسانية وكرامة البشر، ومد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة من عجزة ومسنين ومعوقين، ليس هذا فحسب، بل تقديم وتوفير الدعمين المادي والمعنوي لأشكال الرعاية الاجتماعية المختلفة، والرؤى العلمية والعملية في خططها واستراتيجياتها وبرامجها الهادفة إلى التوعية والتثقيف، وتسخير الإعلام بدوره النبيل في هذا المنحى، ومن الوسائل المهمة والأهداف النبيلة التي عملت الحملة لتحقيقها:
- تمكين المعوق من التعليم.
- دمج الأطفال المعوقين بالمجتمع.
- تأهيل المعوق وتثقيفه صحياً، بما يتناسب ونوع إعاقته.
- التعامل مع حالات الاعاقة الناجمة عن الحروب.
- التعامل مع المسنين وتوفير الرعاية الإنسانية الشاملة لهم.
هذه بعض من عناوين بارزة يمكن معالجتها في ضياء حملة سمو الأمير، وسنكتفي هنا بالإشارة إلى جانب واحد نراه مهما في معالجة هذه القضايا الكثيرة.
لعل المصدر الأساسي الذي ننهل منه هو التجربة الإنسانية والخبرة الطويلة في التعاطي مع هذا الموضوع، إذ إننا وجدنا الثقافة هي الأساس الذي نبني عليها ويخرج منها وإليها تداعيات عظيمة في مجال التعاطي مع بحوث الإعاقة، منطلقين من قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فالثقافة المتقدمة هي التي قدمت التقنيات الحديثة لتعلم المكفوفين والصم والبكم وغيرهم من المعوقين، فالشعور بالحاجة إلى تعلمهم هو بحد ذاته ثقافة، والعلوم وتطبيقاتها هي التي قدمت التقنيات.
ودمج الأطفال المعوقين بالمجتمع تحتاج إلى تثقيف المعوق بحالته، وتحتاج إلى تثقيف المجتمع بضرورة احتوائه في صفوفه، وحتى تنجح العملية، لا يكفي التأهيل وحده إذا لم يكن المستقبِل (المجتمع) واعياً لهذه العملية، وإلا لعدنا أكثر من نصف قرن إلى الوراء، حين كان المجتمع، أو بعضه على الأقل، يستقبل المعوق بالسخرية، وواضح تماما ان التثقيف الصحي يستطيع ان يلغي الكثير من حالات الإعاقة، وقد ضربنا مثلاً التلقيح ضد شلل الأطفال، أو ضد الجدري الذي سبب العمى لأديبين عربيين على سبيل المثال هما (أبوالعلاء المعري وطه حسين).
وللتعامل مع معوقي الحروب، كالمصابين من اهلنا في فلسطين المحتلة، لا بد من علم يتعلق بتعويض الأعضاء وعلم يتعلق بحركة الإنسان وعضلاته، بمعنى أننا بحاجة إلى ثقافة علمية بحثية تقوم على ترميم الجسد المصاب، واعادته إلى وظائفه المتعددة، وبالتالي إعادة هذا المعوق إلى الحياة وسط مجتمعه.
وأخيراً عند الحديث عن المسنين لا بد من معرفة فيزيولوجية وسيكولوجية كل ما يطرأ على الإنسان من تبدلات وتغيرات نتيجة تقدم السن، ويبدأ ذلك من حبة الدواء إلى الاهتمام والرعاية والدفء والحنان، والمعرفة الأكيدة بطريقة الإنسان المسن في التصرف والحديث، وما إلى ذلك، إن مثل هذه الثقافة الواسعة لا يستطيع القيام بها إلا العلماء والمفكرون في مؤسسات تساعد على البحث العلمي والدراسة المتأنية، والتجارب، وبالتالي لا بد من جامعات ومعاهد ودور نشر، ولا بد من جهة تساعد على ذلك وتدعمه مادياً ومعنوياً، ولو بالجائزة والمكافأة والتشجيع، ولعمري إنه لأمر جلل ان تقوم الجمعيات الخيرية والمؤسسات التي يرعاها أمير الخير سلطان بن عبدالعزيز بهذا الدور العظيم والهام.
الرياض - فاكس 014803452
|