بدأت المواجهة الأخيرة بين الولايات المتحدة والزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر بالرصاص، ثم فضلت واشنطن إضفاء مسوغات قانونية على المواجهة لدعم تحركها العسكري، وقالت ان الصدر (خارج على القانون) وأعلنت عن ملاحقته بتهمة قتل زعيم شيعي آخر هو عبدالمجيد الخوئي.
وها هو الرئيس الأمريكي يدخل حلبة الصراع بتعبيرات تسخر من الصدر وتصف ممارساته ب(البلطجة السياسية) إشارة منه إلى ان الصدر وأنصاره يحاولون اختطاف المستقبل السياسي للعراق أو سعيهم للحصول على نصيب الأسد من السلطة مع اقتراب استحقاق 30 يونيو الخاص بتسليم السلطة للعراقيين.
غير ان أعداد القتلى المتزايدة في الجانبين العراقي والأمريكي تؤكد بأن الوضع يحتاج إلى معالجة جادة خاصة على ضوء التوقعات التي تشير إلى أن التصعيد هو سيد الموقف، وان الولايات المتحدة تدرس تعزيز وجودها في العراق بالمزيد من القوات وان أنصار الصدر تعهدوا بعدم التخلي عن السلاح إلى حين زوال الاحتلال.
ويبدو من الواضح ان علينا توقع الأسوأ والأفدح على صعيد الخسائر البشرية وتفاقم المشكلات الإنسانية التي يعاني منها العراقيون أصلاً. ولن تجدي إزاء هذه الوقائع المأساوية سوى الأعمال الجادة التي تحد من فورة التحديات والتوعدات والتهديدات بما تنطوي عليه من عبارات السخرية التي تزيد من حالة الغليان.
ان استمرار المواجهات والأعمال العسكرية إلى حين الوصول إلى حالة إنهاك الجانبين تعني ان يموت في غضون ذلك الكثيرون من الأبرياء، وقد باتت صور هؤلاء ومن بينهم الأطفال، تسيطر على المشهد الإعلامي عبر القنوات التلفازية.
غير ان الحرب بدأت تلقي بتأثيراتها على المواطن الأمريكي الذي يشاهد ازدياد النعوش التي تعيد أبناء وطنه كما يشاهد آلياتهم المحترقة ومعنوياتهم المتدهورة ويتزامن كل ذلك مع الحملة الانتخابية التي يأمل بوش ان تبقيه لأربع سنوات أخرى سيداً على البيت الأبيض.
|