* نيويورك - طارق عبدالغفار - أ. ش. أ:
باتت المديونية شبحا يهدد اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى ويلقي بتداعياته الخطيرة على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سواء على المدى المتوسط أو الطويل.
وتطالب مؤسسات اقتصادية دولية كصندوق النقد الدولي وستاندارد أند بورز الدول الصناعية الكبرى بتطبيق سياسات تستهدف التقليل من المديونية وخفض معدلات الإنفاق لتدعيم النمو الاقتصادي العالمي خلال السنوات القادمة.
وأوضحت مؤسسة ستاندارد أند بورز ان العديد من الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا والبرتغال وجمهورية التشيك واليونان وبولندا تهددها مشكلة المديونية التي من المتوقع ان ترتفع إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 وتحدد معاهدة ماستريخت الحد الاقصى للمديونية بالدول الأعضاء بنحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال موريتز كرايمر كبير المحللين الاقتصاديين في ستاندارد أند بورز ان تجاهل قضية الديون سيسفر عن تداعيات خطيرة تنعكس على النمو الاقتصادي الأوروبي والعالمي.
وأضاف ان الديون اليابانية ستصل إلى 700 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 نتيجة المخصصات المرتفعة للمعاشات وارتفاع متوسط أعمار اليابانيين وتراجع معدل المواليد الذي يعتبر الأقل بالدول الصناعية.
وطالب كرايمر الحكومة اليابانية باتخاذ إجراءات فعالة لخفض الديون المعدومة في نظامها المصرفي وتقليص معدلات الإنفاق على المدى القصير.وقال ريتشارد جاكسون المحلل الاقتصادي في ستاندارد أند بورز ان وعود الحكومات الغربية واليابان بزيادة معدلات المعاشات تمثل مخاطر سياسية في ضوء احتمالات ارتفاع حجم المديونية بتلك الدول.
وأوضح ان تجنب تضخم المديونية يقتضي من حكومات الدول الصناعية الإبقاء على فائض ميزانياتها بصفة مستمرة وتجنب العجز المتزايد في الميزانية.. مضيفا ان الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول بشأن زيادة اجل الإحالة إلى التقاعد وتخفيض المزايا الممنوحة للمحالين للتقاعد غير كافية لخفض حجم المديونية.
وفى السياق نفسه أوضح المحلل الاقتصادي بايفى مونتر ان العديد من الدول الأوروبية كبريطانيا وإسبانيا والسويد نفذت إصلاحات في نظام التقاعد واتبعت سياسة سكانية متوازنة للتغلب على مشكلة المديونية على المدى الطويل.
وتواجه العديد من الحكومات الأوروبية مشاكل تتعلق بتنفيذ إصلاحات جذرية تتعلق بقوانين التقاعد حيث تخاطر بشعبيتها وفقدانها للسلطة في الانتخابات.. ففي ألمانيا تصاعدت مشاعر الغضب في أوساط المحالين للتقاعد ضد الحكومة في أعقاب تخفيضها للمزايا التي يحصل عليها المحال للتقاعد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضح صندوق النقد الدولي ان زيادة المديونية الخارجية بالتزامن مع ارتفاع العجز في الموازنة بالولايات المتحدة يهدد الاستقرار المالي العالمي.
ويرى خبراء بصندوق النقد الدولي ان زيادة الطلب الأمريكي على الاقتراض من الخارج والعجز المتزايد في ميزان المدفوعات وتراجع الدولار سيؤدي إلى تداعيات سلبية داخل الولايات المتحدة وخارجها منها ارتفاع الفائدة وزيادة الركود والبطالة وتقويض الثقة في بيئة الاستثمار الأمريكية والدولية.
وقال تشارلز كولنز كبير الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ان الميزانية الفيدرالية الأمريكية - التي حققت فائضا بلغ 2.5 في المائة عام 2000 - منيت بعجز قياسي بلغ حوالي 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي -500 مليار دولار - العام الماضي.
وأشار إلى ان زيادة معدلات الطلب وارتفاع العجز في الموازنة والديون الأمريكية سيدعم الاقتصاد العالمي على المدى القصير فقط بينما سيعاني الاقتصاد الدولي من التداعيات السلبية على المدى المتوسط والمدى الطويل.
ويتوقع محللون اقتصاديون أمريكيون ارتفاع الفائدة حال استمرار الزيادة في العجز بالموازنة وانخفاض معدل الادخار بالولايات المتحدة.
وقال بول فينشتاين المحلل الاقتصادي الأمريكي ان ارتفاع حجم المديونية والعجز في الموازنة يضعان الاقتصاد الأمريكي والعالمي في مفترق طرق حيث سيزداد معدل نزيف الوظائف وتتراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي.
ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون ان ارتفاع العجز في الميزان التجاري وانخفاض معدل الادخار سيدفع الإدارة الأمريكية إلى زيادة معدلات الاستدانة من الخارج.
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى ان إجمالي الديون الأمريكية يبلغ 4 تريليونات دولار أي حوالي 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي الذي يبلغ 10 تريليونات دولار.
وتوقع المحلل الاقتصادي الأمريكي روبرت كتنر ارتفاع حجم الديون الأمريكية مع استمرار ارتفاع مخصصات خدمة الديون الأمريكية.. مشيرا إلى ان زيادة الديون والعجز في الموازنة سيضر بالنمو الاقتصادي الأمريكي والعالمي على المدى القصير.
وأضاف ان العديد من المؤسسات الاقتصادية الأمريكية حذرت الإدارات الأمريكية طيلة العقدين الماضيين من تجاهل قضيتي الديون والعجز في الموازنة.
|