* الجزائر -أ.ش.أ - من رفعت سلام:
تبدو الساحة الجزائرية مليئة بالألغام المدفونة تحت السطح المهددة بالانفجار مع الإعلان عن اسم الرئيس الجزائري الذي سيحكم الجزائر خلال السنوات الخمس القادمة خلال الانتخابات التي تجري اليوم الخميس،
فعلى الرغم من اتهامات بعض المرشحين والسياسيين قبل الحملة الانتخابية.. وفي بداياتها بتزوير الانتخابات.. إلا أن الحملات الانتخابية شهدت إقراراً من هؤلاء المرشحين وأنصارهم بأنها (فرصة تاريخية غير مسبوقة) لاختيار الشعب الجزائري رئيساً له بحرية استثنائية.. باعتبارها أول انتخابات جزائرية نزيهة.
وقد شهدت الحملة أنواعاً من الحروب التقليدية بين المرشحين وأنصارهم، فقبل انطلاقها الرسمي تحالف ثلاثة مرشحين ضد الرئيس بوتفليقة.. علي بن فليس وعبدالله جاب الله وسعيد سعدي مستهلين الحملة بإطلاق شعارات التزوير الذي علقوه على مشجب الرئيس.. أما قرائن التزوير.. فلم يطالبهم بها أحد وسط الحمى الخطابية من مدينة الى أخرى.. حملة ثلاثية شنوها خلال مؤتمراتهم الجماهيرية على بوتفليقة وسنوات حكمه الماضية التي بدت وفقاً لهم كبقعة حبر سوداء في ثوب ناصع البياض.. شتى الاتهامات السياسية وبعض السباب والشتائم العلنية تلقاها الرجل من خصومه باعتباره أخطر المرشحين بل المرشح الأول للفوز بالانتخابات.. بحيث مثلت الحملة على بوتفليقة غالبية الوقت المتاح للحملة الانتخابية للثلاثي المرشح.. وما تبقى من وقت خصصوه لعرض برامجهم الانتخابية.. لم يكن بوتفليقة خصماً سياسياً.. بقدر ما حولوه الى غريم شخصي.. لابد من قتله معنوياً.. فكل ما مسه الرجل في السنوات الخمس تحول إلى خراب وأطلال.. بحيث تحول في خطاباتهم إلى كارثة غير مسبوقة على الجزائر.. كارثة شمولية رهيبة تشبه القضاء والقدر.. أما برامجهم الانتخابية.. فلم تخرج في جوهرها عن أفق التوجهات العامة لبوتفليقة.. مع بعض الرتوش القليلة هنا أو هناك.. فلم يعلن أحد منهم خروجه أو معارضته لسياسة (الوئام المدني) التي استنها بوتفليقة ويعد في برنامجه الانتخابي بالارتقاء بها إلى مصالحة وطنية شاملة.. وهو ما يعني أنهم يفتقرون إلى رؤية واضحة مغايرة لمعالجة الوضع الأمني ومسألة الإرهاب واستتباب السلم الداخلي.. وهي القضايا التي كبدت الجزائر ما بين 100 و200 ألف قتيل وآلاف أخرى من المفقودين وضحايا الإرهاب.
الوجه الآخر.. يتركز على الوعود المفتوحة على الممكن والمستحيل على نحو يشبه المزاد العلني المنصوب بامتداد البلاد الشاسعة.. فهي وعود خطابية.. تبشر جميعها بأن تجعل من الجزائر فردوساً أرضياً بلا مثيل.. على جميع الأصعدة.. فالأفق السياسي للثلاثي لا يتجاوز أطروحات بوتفليقة الأساسية أو يغايرها.. فيما قاموا بتضخيم الثغرات والنقائص التي أسفرت عنها السنوات الخمس الماضية من حكم بوتفليقة لتغطي إنجازات الرجل الواضحة.
وقد استخدم المعسكر المعارض لبوتفليقة حرب الشائعات (السياسية) و(الشخصية) الى درجة غير مسبوقة.. ابتداءً من نشر إعلان بعض الشخصيات السياسية والتنظيمات الجماهيرية الفاعلة تأييدها لبن فليس.. شخصية وراء أخرى في الصحف المؤيدة لبن فليس.. ولم يكن تكذيب أي شخصية منها لخبر تأييد بن فليس ليمنع مواصلة نفس السياسة مع آخرين.. فالغاية تبرر الوسيلة.. أما حرب التصريحات النارية.. فقد بدأت قبيل الحملة الانتخابية ليصل بها المرشحون وأنصارهم إلى سقفها المشروع وغير المشروع الذي وصل ببن فليس إلى سقف التهديد العلني بتكرار التجربة الجورجية التي شاهدها الجزائريون من خلال القنوات الفضائية على الهواء مباشرة.. وخلال نفس الأسبوع الماضي.. دعا في موتمر جماهيري إلى تكرار تجربة ثورة 1954 الجزائرية التحريرية التي رفعت السلاح من أجل تحقيق الاستقلال لكن من أجل تحقيق الديموقراطية هذه المرة.. حسب قوله مبدياً استعداده لقيادة المعركة الديموقراطية في الشارع.. لكن الخطر الماثل يكمن في أن بعض فرسان السباق الرئاسي لن يقبلوا بعد كل هذا التصعيد الخطابي الناري- بهزيمتهم.. بعد أن صوروا للجميع أن قطع الطريق على بوتفليقة يمثل معركة حياة أو موت بالنسبة لهم وللجزائر.. ولابد أن بعضهم بن فليس مثلا يدرك جيداً أن هزيمته قد تعني نهايته السياسية تماماً.. فرد الفعل القادم على إعلان نتائج الانتخابات ربما يوم الجمعة المقبل سيعني الكثير.. و ان كان أطراف التحالف الثلاثي ضد بوتفليقة يعلمون أيضا بأن (تهييج الشارع) بدعوى تزوير الانتخابات سيضعهم رأساً في مواجهة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية المسؤولة عن استقرار البلاد.. لا بوتفليقة وحده.. فالمشكلة ليست في يوم الانتخاب بل تبدأ من لحظة إعلان النتائج.. وما أكثر المتوجسين من الكمائن والألغام والحواجز المزيفة التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة قادمة.. فهل تعبر الجزائر حاجز 8 إبريل بسلام.
|