* حاوره - فهد الشويعر:
فنان كبير كافح كثيراً من أجل الفن وجد المصاعب والعقبات إلا انه سرعان ما يبحث عن طريقة لتجاوز تلك الصعاب.. خدم في الفن ما يقارب حوالي خمسين عاماً دون توقف (وما زال) كانت بداية انطلاقته من إذاعة جدة بفن التقليد ثم واصل مسيرته (الخمسينية) حتى وصل إلى ما وصل إليه. ولعلنا لا ننسى ولن ننسى أم حديجان وعائلتها التي ما زالت حتى وقتنا الحاضر حديث المجالس وكثير من المنلوجات التي أضحكتنا.. تعالوا معنا مع الفنان الكبير عبد العزيز الهزاع في هذا الحوار..
* أستاذ عبد العزيز هل تجد أنك ما زلت متواجداً في الساحة كما كنت سابقاً وهل الجيل الجديد يعرف من هو عبد العزيز الهزاع وماذا قدَّم؟
- الجيل الجديد لا بد أنهم سمعوا من آبائهم أو ممن هم أكبر منهم عن عبد العزيز الهزاع وأنا متواجد وأتطور مع الزمن بمعنى انه كلما تقدم الزمان وتطور أقوم أنا بمسايرته بالتقدم والتطور، فهنالك فرق كبير بين (اسكتشات) تسمعها لي قبل حوالي خمسين عاماً واسكتشات قد قدمتها الأسبوع الماضي ستجد هنا الفرق شاسعاً.
* ذكرت أن هنالك فرقاً شاسعاً بين ما قدمته في بداياتك منذ ما يقارب الخمسين عاماً وبين ما تقدمه الآن كيف كان هذا التغيُّر ومن أي ناحية؟
- نعم، فهنالك فرق شاسع فأنا ألاحظ الوقت والظروف التي نحن نعايشها لأن من واجب الفنان أن يراعي الوقت والظروف التي يعايشها ومن واجبه أياً كان نوع فنه أن يكيِّف قلمه أو لسانه أو جهوده على الزمن، فأنا ولله الحمد أسير على حسب ما رسمته لنفسي منذ خمسين عاماً.
* هل تجد صدى وتقديراً لما تقدم وجمهور يقدر ما تقوم به؟
- للأسف أنا ينطبق علي المثل الذي يقول (مزمار الحي لا يطرب) وأنا شخصياً لا أعرف مكان فني وتقديري إلا عند سفري إلى الخارج وقدمت نفسي لهم وجدت أن لي موهبة وفناً مغايراً ومختلفاً وأشياء جميلة ونادرة.
* هل أفهم معنى كلامك هذا أنك لم تجد التقدير والتشجيع هنا؟
- لا، بعض الناس هنا في المملكة لا أنسى فضلهم وتقديرهم وتشجيعهم لي ولكن (ما كل ما يتمناه المرء يدركه)، وهذا لا يعني اني مقتنع بحقي الكامل.
* ما هو أول عمل قمت به ولاقى نجاحاً منذ دخولك مجال الفن وبالأخص فن التمثيل والتقليد؟
- طبعاً أنا من يوم كنت صغيراً كان لدي موهبة التمثيل والتقليد وبعد محاولات عدة في هذا المجال خرجت بفكرة وهي (باكورة) إنتاجي الفني ولا أنساها، بل أذكرها في جميع المناسبات ألا وهي تمثيلية (بدوي بالطائرة).
* منذ كم قدمت هذه التمثيلية وكيف بدرت لك فكرة هذه التمثيلية؟
- هذه التمثيلية تخيلتها منذ أكثر من 45 عاماً عندما راودتني فكرة ذهبت بي لتخيل البدوي عندما يريد السفر وخصوصاً بالطائرة فلا بد له ان يواجه مصاعب ويطلب منه شروط ومستلزمات يقوم بها قبيل سفره وذلك من استخراج جواز سفر وقص تذاكر ومستلزمات أخرى خاصة من عفش وغيره ومن هذه المستلزمات لا بد ان يكون له مواقف (كوميدية) مع مأمور الجوازات وسائق الأجرة الذي سيوصله إضافة إلى الطيار والمضيفة داخل الطائرة (كتجربة أولى له) وكانت جميع هذه الأفكار هي أمور واقعية لم ابتدع منها شيئاً.
* هل هذه شخصية البدوي في منظورك؟
- لا، من عندي أنا شخصياً ان هذا هو البدوي في القدم أما البدوي الآن وفي الوقت الحاضر فاختلف تماماً لأنهم الآن أصبحوا يقودون الطائرات والمركبات ومنهم المهندس والطبيب ولم يعد البدوي يرعى الأغنام والجمال، بل أصبح من ينوب عنهم عمالة وافدة من جنسيات مختلفة.. والبدو الآن أصبحوا مثقفين ونفتخر ونعتز بهم.
* هل تكمل؟
- عندما قدمت الكثير وعند شعوري بأن لدي موهبة وقدرات كبيرة وكثيرة حاولت أن أتوسع في هذا المجال ولكن واجهتني مصاعب ومشاكل في رفض الفن بذلك الوقت.
* أي وقت بالتحديد؟
- الوقت بالتحديد هو في عهد الملك سعود حوالي عام 1374هـ.
* وهل حاولت الوقوف في وجه هذه المشاكل؟
- نعم، حاولت جاهداً للبحث عن دعم أو (واسطة) ووجدتها لدى الأمير محمد بن عبد العزيز الذي وقف بجانبي ومهّد لي الطريق كي أتوسع بالفن ومنذ ذلك الوقت انطلقت مع الإذاعة.
* كيف كانت انطلاقتك مع الإذاعة؟
- كانت انطلاقتي (معهم) بمكافأة بسيطة.. بل شيء رمزي.
* كما كانت تلك المكافأة؟
- حوالي خمسين ريالاً وبعدها حاولت مراراً واجتهدت إلى أن طورت نفسي.
* كيف كانت بداياتك مع إذاعة جدة؟
- كانت بداياتي مع إذاعة جدة (بيوميات أم حديجان) ولله الحمد لاقت نجاحاً واسعاً.
* هل توقفت عن العمل لفترة أو انتقلت إلى إذاعة أخرى؟
- لا، لم أتوقف، بل استمررت من خمسين سنة حتى الآن وهذا كله في إذاعة جدة.
* في الخمسين سنة التي قضيتها في الإذاعة من الواجب أن يكون لك بصمة واضحة وبرامج ومسلسلات على مدى الخمسين عاماً فهل لك ان تطلعنا على ما قدمته خلال تلك الفترة؟
- خلال الخمسين عاماً التي قضيتها إلى الآن قدمت خمسين برنامجاً بمعدل برنامج كل سنة.
* هل كانت هذه البرامج التي قدمتها محصورة فقط بيوميات أم حديجان؟
- لا أنا لم أكتف بيوميات أم حديجان ومنذ حوالي 14 عاماً أصبحت أقدم برامج أسبوعية منها (قصة حياة أم حديجان) وهذا قدمته لمدة أربع سنوات متواصلة ثم قمت بالتغيير وأصبحت أقدم (المسامح كريم) ثم تحول إلى برنامج (درب المحبة) والآن استقررت على برنامج (وسِّع صدرك).
* لماذا اخترت أم حديجان بالذات؟
- اخترته لأنه اسم شعبي ومميز وفيه شيء من الكوميديا ولكن اسم أم حديجان لا تسمعه إلا في رمضان أما باقي أيام السنة فتكون البرامج بنفس شخصية أم حديجان ولكن الاسم يختلف فتارة يكون أم ناصر وأم صالح وأم محمد وأم سراج وهكذا..
* هل أنت متعاون بشكل مستمر مع وزارة الثقافة والإعلام؟
- طبعاً، أنا أول متعاون مع الوزارة وما زلت وأنا قدمت لهم كل ثروتي الفنية وشاركت في مسرح التلفزيون مع زملائي التمامي والدرديري وغيرهما.
* كيف كان عملكم عبر المسرح بالتحديد وفي وزارة الثقافة والإعلام بشكل عام؟
- كنا نقدم الفنانين عن طريق المسرح وكانت الحركة نشطة جداً لدرجة أننا كنا نخرج من منازلنا في الصباح الباكر متجهين إلى الوزارة ولا نعود إلا في الليل، وكنا نأكل وجباتنا الغذائية جميعها في نفس الوزارة وكانت الوزارة شبيهة بخلية النحل.. كانت نشطة جداً.
* هل كنتم تجدون مردوداً مادياً وتشجيعاً جراء ذلك العمل؟
- نعم، كانت المكافأة جيدة، حيث كان هنالك تشجيع ولكن لم نكن نعمل من أجل المكافأة، بل حباً في العمل وكان يصلنا تشجيع وشكر من المسؤولين.
* هل هذا الوضع تحسَّن وزاد في الوقت الحالي؟
- أتمنى إعادة النظر في مكافأة الفنانين لأن المكافأة الحالية لا تجدي الممثل أو المخرج أو المعد.
* هل أنت متوقف الآن على برنامج (وسِّع صدرك) في الإذاعة أم أن لك تعاونات أخرى؟
- أنا لم أكتف (بوسِّع صدرك) فقط، بل كانت لي تعاونات مختلفة مع المديرية العامة للجوازات وهي عبارة عن 15 حلقة خاصة لشؤون الجوازات بأنواعها، كما قدمت عشرين حلقة للدفاع المدني بما يخصهم من توعية وإرشاد، كذلك قدمت عشرين حلقة لوزارة التربية والتعليم عن علاقة المدرسة بالبيت والآباء بالأبناء، إضافة إلى ذلك قدمت خمس عشرة حلقة لمديرية مكافحة المخدرات، وقريباً تبث في الإذاعة، أما عن وزارة الزراعة فكنت متعاوناً معهم بشكل مستمر وأتقاضى منهم مكافأة شهرية ولكنهم أوقفوها عني وذلك حسب ظروفهم وقالوا ربما نتفق معك على مبلغ مقطوع لكل سنة وذلك على حسب إنتاجك خلال السنة ولكن حتى الآن لم يتم أي شيء، وبخصوص وزارة المياه والكهرباء فسيكون هنالك تعاون قريب، وبهذه التعاونات فأنا أعتبر نفسي من أنشط الفنانين والممثلين لأن بعض الفنانين والممثلين تكون نشاطاتهم سنوية فقط أما أنا فعلى العكس تماماً فمستمر على مدار السنة.
ولا أنسى ان أوجه لومي لوزارة الصحة وذلك لأنها مشاركة في برنامج مع مجلس التعاون ولديهم برامج ومن ضمن هذه البرامج برنامج (سلامتك) ومن واجب الوزارة ان تفرضني عليهم فرضاً بأي شيء سواء بالمشاركة او حتى ولو مقدماً ليكون به لمسة سعودية.
* هل تعتقد أنت ان الناس ما زالوا يستمعون إلى الإذاعة كالسابق؟
- لا، وللأسف.
* لماذا لا نستمع لعبد العزيز الهزاع في إذاعة أخرى.. وبقي حكراً على الإذاعة السعودية؟
- أنا لم أجلس مكبل اليدين، بل حاولت مراراً وتكراراً مع قنوات وإذاعات آخرى ولكن للأسف فمثلاً الmbc لم أجد منهم التشجيع وذلك بعد تجربة معهم خلال رمضان الماضي فقد حاولت أن أقدم برنامجاً بها ولكني لم أستطع إلا بعد ان جعلت بيني وبينهم وسيطاً ليوصلني لهم ويدعمني وذلك فقط للنظر في برنامجي وبعد هذا الجهد سمحوا لي بالمشاركة معهم في رمضان الماضي وكان ذلك بثمن بخس ولا يصدق واحتمال ولا يساوي ربع ما أكافأ به من الوزارات هنا ورغم ذلك وافقت على أن تكون هي البداية وسيتحسن الوضع في المرات القادمة وبعدها لم يحصل بيننا أي اتصال ورغم ذلك حاولت جاهداً ولم أوفق.
* هل تلقيت عروضاً خارجية من إذاعات أو فضائيات؟
لا، والله لم أحصل على أي عرض وأنا شخصياً لم أحاول في أي إذاعة ولا فضائية خليجية إلا مرة دعوة وجهت لي في رمضان عن طريق التلفزيون الكويتي فقد ذهبت هناك على انه برنامج يحمل اسم (حوار صريح) ولكن بعد نهاية البرنامج اكتشفت اني وقعت في الفخ لحلقة من حلقات برنامج (صادوه).
* كيف ترى حلقتك في برنامج (صادوه) وهل استطاعوا استفزازك؟
- الحمد لله وفقت بالحلقة وأثبتت وجودي ولم يستفزني أي شخص.
* بالنسبة للتلفزيون بعيداً عن الإذاعة هل كانت لك محاولات بتقديم برامج من خلال الشاشة؟
- من المفترض ان يعطوني الفرصة وأنا الآن متأمل بالأستاذ سليمان العيدي الذي تسلَّم منصب مدير القناة الأولى قبل فترة بسيطة وأنه سيرى لي حلاً للظهور على الشاشة وأنا متأكد أن جمهوري متلهف لرؤيتي عبر الشاشة.
* ما هي الفرصة برأيك التي يجب على التلفزيون أن يقدمها لك ولجمهورك من خلال شاشته؟
- يعني أتمنى ان يستضيفوني أنا وأحد زملائي الفنانين والممثلين في مقابلة خاصة في أي برنامج سواء كان عن التربية أو غيرها من المواضيع الهادفة للمجتمع والهدف من هذا كله هو ان أظهر على الشاشة وأقدم شيئاً يليق بمستواي ومستوى جمهوري.
* لكن أنت حصرت نفسك في مجال الإذاعة وبلون محدد لماذا لم تحاول التغيير لتدخل مجال التلفزيون؟
- أنا لم أحصر نفسي بشيء أنا لوني لون إذاعي ولكن هذا لا يمنع من ان أدخل مجال التلفزيون فأنا أقوم بعمل (المنلوجات) وأجيدها أما الحركات الكثيرة و(النطنطة) فهذه لا أستطيعها بسبب كبر سني.
* بالنسبة للمنلوج كم قدمت خلال مسيرتك؟
- قدمت حوالي 22 منلوجاً بالصوت والصورة.
* هل استغللت المنلوجات وبحثت عن شركة لإنتاجها بدل تجميدها؟
- لو وجدت شركة تأخذ إنتاجي وأستفيد فلا مانع عندي وسيكون بيني وبين مؤسسة أحد الإسلامية للإنتاج تعاون قادم لتقديم أعمالي عبر الكاسيت حتى يتمكَّن الناس من الاستماع لي في أي وقت وأن أكون في متناول اليد في أي وقت.
* أنت تاريخ كبير وعريق، وخمسون عاماً من العطاء. هل تم تكريمك بالشكل الذي يليق بتاريخك؟
- نعم .. فقد تكرَّمت رعاية الشباب مؤخراً بتقديم حفل اعتزال وتكريم لي برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب بقصر الثقافة وحضر الحفل جمع غفير من الأمراء والوزراء والمثقفين والإعلاميين وغيرهم في حفل لم أشهد له مثيلاً، وتكريم آخر بمكتب وزير الإعلام وحضر الوكلاء جميعاً وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلطان وكيل وزير الثقافة والإعلام وبعد مقدمة بسيطة تقدَّم الوزير وأهداني درعاً، وقال بالحرف الواحد يا أستاذ عبد العزيز وزارة الثقافة والإعلام تقدِّر لك مجهوداتك وبذلك وعطاءك خلال السنوات التي قضيتها في الفن والإذاعة والتلفزيون وبهذه المناسبة نقدِّم لك هذا الدرع وفي نفس الوقت ستقدم لك نسخة كاملة من إنتاجك المرئي والمسموع ولك حق التصرف بها كيفما تشاء وذلك بوجود الأمير تركي بن سلطان والوكلاء جميعاً، وقدَّرت له هذا التكريم.
* يقال إنك الفنان الذي يطلبه الملوك.. كيف؟
- كان ذلك بعد أن جاء ملك العراق الراحل فيصل الغازي أيام الثورة بعد أن سمع لي شريطاً في حفل وأعجب بي وسأل عني وتقدَّم بطلبي من الملك سعود وبعدها سافرت إلى بغداد وقدمت لهم الفن الذي أملكه آنذاك وأنا الفنان الوحيد الذي يطلبه الملوك العرب.
* كيف كانت علاقتك بالملك سعود؟
- علاقتي به كانت جيدة ولن أنسى (أفضاله) علي لأنه وفي بداياتي قال لي استمر يا الهزاع على فنك هذا لأنه فن فريد ولم يسبقك إليه أحد وله مستقبل وهذا كان كلامه بالحرف الواحد.
* وماذا عن مطالبتك بالمسرح؟
- لم أطالب بالمسرح.. ولكن حاولنا ان نقدِّم مسرحاً وليس كما هو الآن ولكن كان ذلك فقط بمناسبة عيد الفطر المبارك ولم يحدث شيء من هذا..
* في أي عهد كانت مطالبتك بالمسرح؟
- في عهد الملك فيصل.
* هل تود أن تقدِّم شيئاً في نهاية هذا اللقاء؟
- لا أنسى في هذا اللقاء أن أشكر جريدة (الجزيرة) على دعمها المستمر لي، إضافة إلى دعمهم الواضح بأمرهم بطبع كتيب يحمل سيرة حياتي وهذه هي الطبعة الثانية سوف تصدر في الأسواق خلال الفترة المقبلة إن شاء الله.
|