من قدر الله عليه وراجع أحد المستشفيات فسوف يلفت انتباهه الأعداد الهائلة من المرضى التي تقف أمام أبواب الأطباء أو تجوب الأسياب أو تنتظر لساعات عند شبابيك الصيدليات! ففي السنوات الأخيرة زاد عدد المرضى بشكل كبير! ليس من السهولة أن نحلل الأسباب ولكن لنطلق العنان لأفكارنا في كل شيء! ومما يؤكد هذه الزيادة أن مواعيد بعض المستشفيات أصبحت بالسنة وأكثر.. هل يمكن لمريض يعاني من آلام المرض أن ينتظر لسنة!؟ وبالرغم من أن الدولة تزيد في أعداد المستشفيات وفي عدد الأسرّة بشكل مستمر إلا أن عدد المرضى يأتي في المقدمة!
فالمَراثون حسب ما يلاحَظ مستمر بين زيادة المستشفيات وأعداد المرضى!
المواعيد طويلة الأجل هي نتيجة لزيادة قوافل المرضى والمستفيد طبعاً المستشفيات والعيادات الخاصة. المواعيد البعيدة أحد مؤشرات تزايد أعداد المرضى وانتشار العيادات والمستشفيات الخاصة يوضح أن المرض أصبح موقعاً جيداً لاستثمار أموال التجار فهم أي التجار لا تجدهم يستثمرون أموالهم إلا إذا كان الاستثمار مربحاً ثلاثين أو أربعين في المائة وعليه طلب من الجمهور! المريض الآن بين أمرين كلاهما علقم إما الدخول في زحمة المواعيد وزحمة مواقف السيارات وزحمة استلام الدواء وبين مقابلة سريعة للطبيب في العيادات الخاصة وإن كان في النهاية سيسلم رقبته إلى سكين الجزارين! فالكشف بثلاثمائة ريال أو أكثر هذه هي المقبلات ويتبقى تحاليل وأدوية ومراجعات, العيادات الخاصة الآن تجارة رابحة لمن يريد أن يستثمر أمواله فكثرة الأطباء الزائرين الرائحين والغادين بدرجة تفوق حركة مدربي الأندية المقالين تؤكد أن سوق الطب لدينا في ازدهار!
والإعلانات الملونة اليومية للعيادات وحجمها ومواقعها خاصة في الصفحة الأولى تؤكد الأرباح العظيمة لتلك المواقع الاستثمارية التي تبني استثماراتها على آلام تزدهر أيضاً.
الأمر الهام هو أن زيادة أعداد المرضى لم تلفت انتباه الباحثين والمحللين ولم تجر دراسات حول هذا الموضوع ولم ينبرِ أي شخص لتحليل لماذا تنتشر الأمراض خاصة المستعصية منها والوبائية التي تلتهم الملايين من ميزانية الدولة وتجهد المصابين من أن يساهموا في البناء والعطاء حيث يرهقهم المرض ويذهب جل وقتهم أمام مكاتب الأطباء وشبابيك الصيدليات! هل السبب يعود إلى لحوم ملوثة أو خضار قد شربت مياه الصرف الصحي أو تعرضت لمبيدات وقطفت في وقت التحريم أو معلبات فاسدة أو منتجات تعرضت للإشعاعات أو حلاقين ينقلون الأمراض من خلال أمواسهم وأيديهم وما زالوا يمارسون مهنتهم خاصة فئة (ي)؟ ..لا أحد يستطيع أن يجد الجواب فالرفاهية التي نعيشها لا يمكن لها أن تسبب كل هذه الزيادة في الأمراض وتنوعها بهذا الشكل المذهل مما يوضح أننا نعيش ظاهرة ليس من المفترض تجاهلها من قبل وزارة الصحة والجهات المختصة!
|