أعادت احداث اليومين الماضيين في العراق ذكريات بداية الغزو الأمريكي والقصف الجوي العنيف لبغداد, وبات القول (ما اشبه الليلة بالبارحة) يتردد على الالسنة عندما انهمرت الصواريخ الأمريكية بكثافة على الفلوجة الليلة قبل الماضية.
وقد بدا الافق العراقي مليئاً بما هو أشد وافظع, فالانباء تتحدث عن ارسال تعزيزات أمريكية، كما ان المواجهة الشيعية العراقية بدت وكأنها وصلت إلى نقطة اللاعودة مع تدعيمها بمسوغات قانونية من قبل واشنطن وضعت الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في قائمة (الخارجين عن القانون) والمطلوب حياً أو ميتاً وتوجيه الاتهامات له في مقتل الشيخ الخوئي.
ولأول مرة في هذه الحرب يتم تحديد الطرف الآخر المناوئ لقوات التحالف وللقوات الأمريكية تحديداً بينما كان الحديث سابقا يشير إلى المقاومة العراقية في حديث مبهم دون تحديد لجهة بعينها فالمواجهة الآن مع الشيعة، فضلاً عن فصائل المقاومة العراقية الأخرى التي تنشط بصورة أوضح فيما يعرف بالمثلث السني الذي تعتبر الفلوجة انشط أضلاعه.
هذا الانفلات في الساحة العراقية يحمل معه تدهوراً أكثر مما هو حادث ما يعني تفاقم المشكلات القائمة التي تتعلق بمعيشة العراقيين وامنهم, وهو أمر سينعكس ايضا على الأوضاع السياسية بما في ذلك استحقاقات المستقبل ومنها ما يتعلق بالخطط الأمريكية حول نقل السلطة إلى العراقيين في 30 يونيو المقبل.
ويبدو من المهم محاولة الدفع باتجاه التهدئة لمصلحة العراقيين من جهة ترتيب اوضاعهم وابعاد شبح الكوارث الامنية والصحية عنهم، ولجهة تهيئة الساحة لانتقال هادئ للسلطة.
لكن كل ذلك يتطلب تحركات من كل الاطراف, وألا يعتقد اي طرف انه قادر على اقصاء أو استئصال الآخر لمجرد انه يتمتع بقوة نيران أكبر لأن المتحاربين منتشرون بين السكان العاديين في المنازل والاسواق وفي كل مكان ما يصعب معه استهدافهم إلا بسقوط الكثيرين من الابرياء وتلك هي عين الفاجعة.
|