Wednesday 7th April,200411511العددالاربعاء 17 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حدود الوطن حدود الوطن
جازان
المقومات الطبيعية للسياحة في منطقة جازان
مستوى الطرق في جبال فيفا أكبر عائق في وجه التنمية الحالية

  *د. عاطف معتمد عبد الرحيم - (قسم الجغرافيا-كلية التربية-جازان):
ويمكن القول إن العوائق التي تقف أمام تطوير منطقة بيش كمنتجع سياحي ترتبط في معظمها بمشكلات الاستثمار السياحي في المنطقة.
فالواضح من الدراسة الميدانية أن استثمار الظروف الطبيعية في التنمية السياحية يفضل الانتظار إلى أن يحدث التدفق السياحي أولاً ليشرع فيما بعد بإقامة الخدمات الفندقية والترفيهية في المنطقة.
وينبع ذلك من تجنب المخاطرة بإنفاق مبالغ ضخمة على السياحة الشاطئية في ظل اعتبارين مهمين:
الأول: انه لا يوجد ضمان بتوجه السائحين من منطقة فيفا إلى المنطقة الشاطئية، فالجمع بين النمطين السياحيين يصعب التعويل عليه.
كما أن الاعتماد على السياحة من داخل منطقة جازان غير مشجع (لا يصح تسمية هذه الحركة الداخلية بالسياحة وإنما بالتنزه) إذ تستفيد حركة السياحة الداخلية من توسط موقع بيش للمنطقة وإمكانية الوصول إليها ومغادرتها في ذات اليوم دون الحاجة للإقامة في الفنادق في ظل الاعتماد الأساسي على الانتقال بالسيارات الخاصة لنقل العائلات والأفراد.
أما الاعتبار الثاني والأهم فهو: المنافسة الشديدة من قبل منتجع الشقيق الشاطئي الذي يتمتع بمزية الموقع الجغرافي على مقربة من منطقة عسير.
وإن كان من المنتظر أن يؤدي ازدياد الازدحام السياحي على منطقة الشقيق في المستقبل إلى التوجه إلى بيش جنوباً.
وعلى الرغم من أن الوحدات المورفولوجية بشاطئ الشقيق لا تتسم بميزات كبيرة تتفوق بها على منطقة بيش الا أن حظ الأولى من التدفق السياحي أكبر من الاخرى.
هذا على الرغم من أن شاطئ الشقيق يتطلب جهوداً إضافية للإعداد تتمثل في:
- مجابهة زحف الرمال على الطرق والاضطرار إلى تغيير مسار الطرق المؤدي إلى الشاطئ عدة مرات بسبب زحف الرمال عليها.
- سفي الرمال للمنطقة الشاطئية بعمومها والسكنية على وجه الخصوص.
- امتداد السبخات الرطبة وانتشار المسطحات الملحية Salt flats وقنوات ومسطحات المد Tidal inlets والتي تحتاج عمليات صيانة لردمها.
وتجرى في الوقت الحاضر جهود كبيرة لمواجهة خطر زحف الكثبان الرملية وانتشار السبخات بمحاولة إعادة توزيع المعالم المورفولوجية بالمنطقة حيث تنقل رمال الكثبان الرملية على عربات by pass لتردم بها مياه السبخات والمستنقعات الملحية في القطاع الخلفي لمنطقة الشاطئ.
وهي تجربة ثبت نجاحها في مناطق مختلفة من العالم ومنها التجربة المصرية في الساحل الشمالي الغربي حينما تم ردم اللاجونات الساحلية برمال الكثبان الرملية لتمهيد المنطقة لإنشاء البنية الأساسية السياحية، وإن ساعد التجربة المصرية ارتفاع محتوى مكونات المواد اللاحمة في رمال الكثبان مما عجل باندماج رمال الكثبان برواسب اللاجونات الغدقة (عاطف معتمد عبد الحميد1997).
- انتشار مخلفات الشواطئ البحرية الطبيعية وتلك الناجمة عن كثافة الاستخدام كانتشار مخلفات الحركة السياحية.
إضافة إلى ضعف إمكانات الاستجمام والاعتماد على التخييم الفردي والعائلي.
ورغم هذا فإن مقدار التدفق السياحي على منطقة الشقيق أكبر من نظيره على منطقة بيش بنحو خمس مرات ويرجع ذلك إلى عدة اعتبارات يأتي على رأسها الموقع الجغرافي الذي يقع فيه منتجع الشقيق والمرتبط بمثلث الطريق الرئيسي في مدينة الدرب والمؤدي إلى كل من جازان وأبها وجدة.
كما أن المنتجع يقع على مقربة من بلدة الشقيق الساحلية وقريبا من محطة التحلية الرئيسة في الإقليم (محطة تحلية الشقيق) وما لذلك من ارتباط بمدّ الطرق الممهدة وتوافر الخدمات التسويقية.
وعلى الرغم من أن هذا الظهير العمراني يعتبر لدى البعض نقطة إيجابية لمنتجع الشقيق إلا أن طبيعة المنتجعات السياحية الشاطئية التي تتطلب الهدوء والبعد عن الاختلاط العمراني تجعل لشاطئ بيش ميزة أكبر ستتضح مع ازدياد التدفق السياحي على الشقيق واضطرار السائحين للبحث عن متنفس آخر أكثر هدوءاً.
ومن زاوية أخرى فمن الممكن أن ننظر إلى منطقة الشقيق - بيش في علاقتها بمنطقة عسير نظرة تكاملية لا تنافسية إذ يمكن أن يؤدي التدفق الضخم الذي تشهده منطقة عسير في الصيف كميزة يمكن أن تستفيد منها المنطقة الساحلية في جازان بتصريف جزء من التدفق السياحي إليها.
هذا بالطبع إضافة إلى تدفق السائحين من منطقة عسير إلى الشقيق وبيش في فصل الشتاء للتمتع بالاختلاف الحراري الكبير بين المنطقتين.
وفي هذا الصدد سنجد أن العقبة الرئيسية التي تقف على طريق تطوير التكامل بين المنطقتين هى موسمية التدفق السياحي وضعف الاستثمارات واحتمال منافسة منطقة فيفا لمنطقة أبها وإن ظلت هذه المنافسة نظرية الطابع لا يمكن انتظار ترجمتها إلى منافسة فعلية إلا بعد استثمارات ضخمة في منطقة فيفا تصل بها إلى مستوى المقارنة مع منطقة أبها - خميس مشيط.
الجيمورفولوجيا والطرق
ومستقبل السياحة
أفادت الدراسة الميدانية التفصيلية لمنطقة جبال فيفا في الوقوف على فرضية أساسية ثبتت صحتها باستكمال البحث في المنطقة والاستبيان الشفهي مع السكان والمسؤولين وهي أن مستوى الطرق بالمنطقة يعد أكبر عائق في وجه التنمية الحالية، وفي ذات الوقت أكبر عامل يتوقف عليه نجاح السياحة في المستقبل.
فالتدفق السياحي إلى منطقة جبال فيفا لا بد أن يعبر ثلاثة مستويات من الطرق:
1- طريق السهل الساحلي وهو يمتد من خط الساحل مروراً بالأجزاء الدنيا من الأودية وصولا إلى مقدمات سهل البيدمنت، أي من الساحل للداخل.
ويبلغ طول هذا الطريق 48 كم وهذا النوع من الطرق عالي الجودة كبير الاتساع (أكثر من 12 متراً) والمحطات الطرفية لهذا الطريق هي صبيا - العيدابي.
2- طريق البيدمنت ويمتد عبر مقدمات جبال فيفا وصولا إلى بداية الحوائط الجبلية شديدة الانحدار ويمتد هذا الطريق بطول 22 كم والمحطات الطرفية لهذا الطريق هي العيدابي- عيبان.
3- الطرق الجبلية الوعرة التي تعاني من:
- ضيق الطرق ويتضح كيف أن هذه الطرق أشبه بشرايين متشعبة في المنطقة لا تزيد اتساعا على 5 أمتار ولا تصلح بأي حال إلا أن تكون طرقا ذات اتجاه واحد، ومع هذا فكلها طرق مزدوجة مما يجعل حركة الانتقال عبرها شاقة للغاية.
وإذا وضعنا في الاعتبار حركة السياحة المرجوة والتي تعتمد - بحكم طبيعة المجتمع السعودي- على الانتقال بالسيارات الخاصة التي تقل الأسر والعائلات فإن ذلك يعني ببساطة تكدسا وتعطلا للحركة قد يؤدي إلى تشكيل عامل طرد من المنطقة.
- قلة أطوال الطرق؛ إذ لا يزيد متوسط أطوالها على 4كم.
ولعل السبب في ذلك هو نمط العمران المبعثر على الجبال ذلك التبعثر الذي استوجب شق 36 خطا، يبلغ إجمالي طولها مجتمعة 134 كم (من بيانات خريطة الطرق غير المنشورة لبلدية فيفا، بدون تاريخ).
- التعرج الشديد للطرق الذي يزيد على 1.4 في غالبية القطاعات، بل وتصل قيمة التعرج في بعض قطاعات خط الدائر- فيفا إلى 1.7 حيث يشبه الطريق شكل الثنية النائمة في المنعطف النهري أو شكل حرف S والذي قد يرى البعض فيه مصدرا من مصادر الجذب السياحي والمغامرة ومتعة التحكم في القيادة واستكشاف المجهول، بيد أن الثابت أن خطر التعرج يخرج عن حدود المغامرة والتشويق إذا ما أضيفت إليه مصادر إضافية للخطر كضيق الطريق وعدم وجود إرشادات ضوئية وانعدام التكسيات التي تحميه.
وربما كان العيب الأخير أخطر العناصر التي تزيد من خطورة الطريق؛ فجانبا الطريق حافة صخرية قائمة الزوايا كثيرة الشقوق، والحافة الأخرى منحدرة حادة الزوايا ترصعها المدرجات دون وجود تكسيات تحمي الطريق؛ بل يشرف الطريق مباشرة على المنحدر الزلق شديد الخطورة.
وترجع أسباب شدة التعرج إلى عوامل متعددة على رأسها شدة الانحدار وصلابة التكوينات الصخرية المؤلفة منها جبال المنطقة ووجود (عقبات) صخرية يصعب إزالتها وهو ما يرفع من تكلفة شق الطرق مع صعوبة توصيل آليات ثقيلة إلى المنطقة.
- انعدام تكسيات الطرق وافتقارها إلى أى سبيل من سبل الحماية.؛ فالمظهر المألوف هو اصطفاف خزانات وصهاريج المياه على جانب الطريق بديلاً عن التكسيات!!
ونود أن نؤكد في هذا الشأن أن الحديث عن إمكانات منطقة فيفا السياحية من الناحية الطبيعية لا يجب أن يمضي بنا بعيدا إلى حد تصور أن الجذب السياحي للمنطقة كفيل بأن يتغاضى عن هذه المشكلات.
ولا يعني هذا أن وجود تباطؤ في إتمام شق الطرق وإعدادها بل إن المحددات الجيمورفولوجية ذاتها وفي مقدمتها الانحدار الذي يتراوح بين 35 و45 درجة على الطرق وارتفاع تكلفة شق 134 كم من الطرق الحالية هو الذي يؤجل بلوغ الطرق بالمنطقة إلى المستوى المطلوب لاستقبال كثافة سياحية سريعة الحركة.
ويمكن التغلب على هذه المشكلة باختيار خط أساسي يتم تجهيزه لكي يكون محور الحركة الأساسي من أقدام المنطقة إلى قمتها، وفي هذا الصدد قد يصلح الخط المسمى خط 12 لذلك؛ على أن يخصص هذا الخط في اتجاه واحد للصعود إلى الجبل فقط، ومن أعلى فيفا يتخذ الخط المتجه إلى الدائر طريقا للعودة مع إعداده كذلك للحركة في اتجاه واحد.
ويمكن أن يقتصر العمل بهذا النظام خلال موسم الاكتظاظ السياحي فقط، كما ينبغى الوضع في الاعتبار أن أي خطة تنموية سياحية لمنطقة فيفا لا تستند على إقامة شبكة طرق حقيقة (ليس مجموعة من الممرات الإسفلتية شديدة الضيق كما هو قائم حالياً) يمكن وصفها مسبقاً بأنها خطة لن تعرف النجاح.
وهكذا ستظل إمكانات فيفا الطبيعية (مجمدة) لن ترى النجاح ما دام حال الطرق كما هو عليه الآن ومن سيقومون بسياحة إلى المنطقة قد لا يكررون ذلك إذا ما صادف وجودهم اكتظاظا يعرقله التكدس على الطرق (الضيقة، الوعرة، شديدة الانعطاف، عديمة التكسيات).
والخروج على هذه القاعدة هو ذلك القطاع الممتد بين عبيان والدائر والذي يتمتع بوسائل حماية متعددة على رأسها:
- رفع الطريق عن قيعان الأودية حيث مسارات السيول مع إنشاء جسور وأنفاق لتصريف السيول المندفعة من تحته.
- حمايته من خطر تساقط الصخور على أوجه المنحدرات الحرة الحادة والقائمة الزوايا عبر شبكات سلكية لاحتضان المواد الساقطة ومنع وصولها إلى الطريق.
- حمايته من أخطار انزلاق الصخور وتساقط الكتل الضخمة على أوجه المنحدرات التي تخطها الشقوق والفواصل بتكسية السفح بغطاء خرساني بسمك 5 -10 سم تعمل كمادة لاحمة بين الشقوق والفواصل بمواد معالجة بنفس التقنية عالية الجودة التي مهد بها طريق الدرب - أبها المجاور شديد الوعورة.
- حمايته من خطر تدفق المواد على طول المنحدرات عالية المنسوب بتقطيع منحدراتها إلى درجات تقلل من شدة انحدار السفح، وذلك في المواضع التي تتسم بوجود نطاق مجرى عميق يسمح بتمهيد المنحدر عبر درجات سلمية.
وفيما عدا هذا القطاع الذي لا يزيد طوله على 15 كم فإن شبكة الطرق في جبال فيفا يمكن وصفها بأنها من اشد طرق المملكة وعورة وخطراً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved