أعادتني الرسالة التي نشرتها إحدى الصحف المحلية بتاريخ 24 مارس 2003م للدكتور محمد حسن مفتي مدير عام برنامج مستشفى قوى الأمن حول ما تعانيه البلاد من الحوادث المرورية، وتأثير هذه الحوادث على النمو في المملكة، أعادتني الرسالة بكل ما فيها من ألم إلى موضوع بات مهملاً، رغم أننا يجب أن لا نمل من الحديث عنه، لأن السكوت معناه ببساطة المزيد من الحوادث والمزيد من الضحايا وهدر الأموال.. يقول الدكتور المفتي في رسالته- وهو أحد المهتمين بهذا الجانب منذ سنوات-: (إن المخالفات المرورية هي السبب الرئيسي للحوادث المرورية، وفي مقدمتها السرعة الزائدة، وتجاوز الإشارات المرورية وعدم مراعاة شروط السلامة والدخول والخروج الخاطىء وغيرها ، حيث بلغ عدد المخالفات لعام 1423هـ 7932427 مخالفة.. ويتجاوز هذا الرقم بنسبة 46.9 في المائة عن العام السابق له، وبلغت نسبة مخالفات السعوديين 64 في المائة من العدد الإجمالي..! أما الحوادث المرورية والكلام مازال للدكتور المفتي فقد بلغت 223816 حادثاً نجم عنها 4161 حالة وفاة و28372 إصابة منها أكثر من ألفي حالة تصنف على أنها إعاقة دائمة، كما نجد أن نصف تلك الأعداد لمن هم في سن أقل من(30) عاماً.. وإذا ما انتقلنا إلى الجانب المادي فإن الوطن يخسر سنويا أكثر من 21 مليار ريال كان يمكن أن تساهم بشكل ملموس في البناء والتنمية ودعم الاقتصاد الوطني).
لقد نقلت آنفاً جل ما قاله أو صرح به الدكتور محمد المفتي، ويؤسفني أن أقول إن هذا الكلام وغيره كثير نشر وينشر عبر كافة وسائل الإعلام، ولكن الجميع يبدون - بما فيهم رجال المرور - وكأنهم يؤذنون في مالطه، حيث لا يوجد من يستمع القول ويتبع أحسنه!.
إن نزيف الحوادث المرورية التي وصلت درجة العبث، لا يمكن وقفه إلا بقرار صارم، أو على الأقل بتطبيق فعلى للأنظمة واللوائح المرورية الموجودة وهي كثيرة، وكفيله لو طبقت بأن تقلص نسبة الحوادث إلى الربع، لكننا نجد أن أغلب الأنظمة تقر ثم تعطل نتيجة عدم الحزم في المتابعة والالتزام بتطبيقها على أرض الواقع، هناك على سبيل المثال نظام لحزام الأمان لكنك تقف عند الإشارة وأنت حرّ منه، دون أن تظفر بكلمة عتاب من رجل المرور، مجرد كلمة عتاب، لأنك لم تطبق نظاماً صدر منذ سنوات، وسبقته حملة كلفت الملايين لكي يقبل الناس عليه لكن دون جدوى، وبعد سنوات إذا كان لنا عمر سوف لن نجد أحداً يضعه من الناس الذين يقول عنهم العوام بأنهم(هبل يربطون أنفسهم قدام الدركسون!).
أما الحوادث المرورية فبودي أن أعرف هل يتم أو تم تطبيق نظام النقاط المرورية أم لا، وهل هناك متابعة دورية ونشطة لآلاف الشباب من صغار السن الذين يقودون السيارات بدون رخصة قيادة، نعم بدون رخصة قيادة، وعندما يقبض عليهم يخرجون بكفالة، مجرد كفالة، ثم يعودون إلى ممارسة هوايتهم في مضايقة الناس وقطع الإشارات.. وحادثة المدينة المنورة، التي وقعت في شهر ذي الحجة وحصدت البنات الخارجات من المدرسة الثانوية، وكأنها تحصد قطعاناً من الماشية، حيث في لحظات توفيت العديد من الفتيات، والتي بقي لها عمر في الدنيا سوف تعيش معوقة طول عمرها، كل ذلك تم نتيجة إيمان الناس بأن كل شيء مقدور عليه بالواسطة وحب الخشوم والتعويضات، وكأن الإنسان مجرد رقم في بورصة.. مثل هذا الشاب الأرعن ما كان ليقود سيارته بتلك الرعونة لو أدرك من والديه ومحيطه أن الخطأ في القيادة لا شفاعة ولا واسطة فيه!.
المؤسف أن هناك 36% من الأجانب خصوصاً قادة الليموزين هؤلاء لا وقت لديهم حتى للإشارة فمجرد وجود زبون معناه تخطي كل شيء للفوز به، وهذه الفئة درست وفهمت كل شيء، وهي لا تتنازل عن حقها في الطريق أو التعويض، أما لو كانت مخطئة فإنها مستعدة لأي شيء لكي تنجو من العقاب، وهي غالباً ستنجو، لأن من يعملون لديها يقدمون العجب العجاب لكي يخرج السائق ويمارس ركضه، ليقدم المزيد من الدخل لكفيله أو عمه أو شريكه!.
لقد تألمت مما نقله الدكتور المفتي وألمي هذا يجعلني أشكره، وأتمنى أن يحث من موقعه وباستمرار على تطبيق الأنظمة، تطبيقها بصرامة، ولنضع قفلاً على الحملات الإعلامية كلها، فقد أخذ الناس مناعة منها، فلم تعد تؤثر فيهم، بما فيها أسابيع المرور المحلية والخليجية، كلها أسابيع لا نفع منها بدون الحرص على تطبيق ما قامت من أجله، والمفروض أو توجه ميزانيات هذه الأسابيع للعناية بالمعوقين والمعوقات والأيتام الذين حصدتهم الحوادث!.
ولنا أمل أن نطبق فوراً النظام في الأمور التالية:
1 - عند إشارة المرور وفي الطرق الطويلة وعند المدارس وفي الأسواق.
2 - نلزم محطات البنزين بإطفاء المحرك فوراً عند التعبئة.
3 - نبت فوراً في الحوادث وننشئ محاكم مرورية سريعة وباترة.
4 - نطبق اللائحة التي صدرت والتي من ضمن نصوصها سحب الرخصة والسجن والغرامة.
5 - الاهتمام بسياسة إحلال سيارات الأجرة المتهالكة في مواعيد ثابتة بدلاً من تركها تتجول في الشوارع مغبرة مرقعة مضى على وجودها في الخدمة سنوات وسنوات.
6 - دراسة إنشاء أو تفعيل المرور السري الذي يراقب ويرصد حركة الشوارع.
7 - تعميم أماكن الفحص الدوري في المحطات على الأقل لتخليص العديد من السيارات من بعض المشاكل الصغيرة وأبرزها العوادم التي تؤثر في البيئة.
وقبل ذلك كله نعاقب من يقدم الواسطة أو يقبلها لكل ما يتعلق بالحوادث والمخالفات المرورية.
فاكس: 4533173 |