ارتفاع ضغط الدم أو ما يعرف (بالضغط) من الأمراض الشائعة، حيث يقدر أن حوالي 25% من البالغين يعانون منه. ما يمّيز هذا المرض من غيره من الأمراض أن أغلب المرضى المصابين به لا يحسون بأي أعراض رغم أن هناك مفهوماً خاطئاً عند الناس أن مريض الضغط يحس بصداع أو غيره من الأعراض وهذا لا يحدث إلا عند أقليه من المرضى. وعدم وجود أمراض يجعل كثير من المرضى به يتهاونون في أخذ العلاج أو يأخذون العلاج فقط عندما يحسون بأعراض قد تكون ناتجة عنه أو قد لا تكون وهنا تنتج الخطورة من هذا المرض غير مسيطر عليه ويقدم بالتأثير على الأعضاء المختلفة من الجسم فيؤدي إلى تضخم عضلة القلب ويساعد في تصلب الشرايين مما يؤدي إلى الجلطة الدماغية أو جلطة شرايين القلب أو يؤثر على وظائف الكلى أو شبكة العين. تشير الأبحاث إلى أن أغلب مرضى ارتفاع ضغط الدم الذين تم تشخيص المرض لديهم وهم تحت العلاج يكون مستوى الضغط عندهم ما زال مرتفعاً فوق المستوى المطلوب وهذا ناتج عن عدم أخذ العلاج بانتظام أو عدم أخذ العلاج الكافي وهنا نذكر حقيقة أخرى أثبتتها الأبحاث وهي أن 35% فقط من المرضى يمكن السيطرة على ضغط الدم عندهم باستعمال دواء واحد في حين أن 65% من المرضى يحتاجون إلى أكثر من عقار حتى يتم السيطرة على ضغط الدم عندهم ومن المتوسط يحتاج المريض إلى ثلاثة عقاقير حتى يتم السيطرة على الضغط عنده.ومن هنا يتضح أنه عند أغلب المرضى أخذ دواء واحد ليس كافياً للسيطرة على الضغط وبالمراجعة المستمرة بقياس ضغط الدم يتم اكتشاف المرضى الذين يحتاجون لأكثر من دواء كما ذكر أعلاه ويتضح لنا أن المفهوم الخاطئ لدى الكثير من المرضى بارتفاع ضغط الدم أنهم يأخذون العلاج بانتظام من دون مراجعة طبيب ليس كافياً لمنع حدوث المضاعفات الناتجة عن مرضى الضغط. مراجعة الطبيب بانتظام عند مرضى الضغط له أيضاً فائدة أخرى بالإضافة إلى الوصول إلى المستوى المطلوب من الضغط وهو الاكتشاف المبكر لأي مضاعفات قد تنتج عن الضغط، حيث يتم بصورة دورية عمل الفحوصات اللازمة مثل وظائف الكلى لاكتشاف أي خلل في وظيفة الكلى وعمل تخطيط القلب وتصوير القلب بالأشعة الصوتية للاكتشاف المبكر لتضخم عضلة القلب أو لاكتشاف وجود ضعف في عضلة القلب أو اختلال في ارتجاع عضلة القلب وهي من المضاعفات التي تحدث نتيجة ارتفاع ضغط الدم وكذلك يتم عمل فحص قاع العين لاكتشاف المبكر لأي مضاعفات تنتج عن شبكة العين وقبل هذه الفحوصات جميعها يكون هناك كشف سريع وأخذ تاريخ المرض والاستماع لأعراض المريض عند حضوره للكشف الدوري وكل هذا يساعد في الاكتشاف المبكر لأي مضاعفات ناتجة عن ارتفاع ضغط الدم.
فائدة أخرى من المتابعة الدورية لمرضى ارتفاع ضغط الدم هي الاكتشاف المبكر والعلاج لعوامل الخطورة الأخرى لأمراض تصلب الشرايين التي قد تكون موجودة في مريض الضغط وخصوصاً أن هذه العوامل يكثر وجودها عند نفس الفئة العمرية لمرضى الضغط وهي متوسط العمر وكبر السن وهنا نعني اكتشاف أمراض مثل السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم وهذه أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم قد تكون موجودة من غير أعراض وعند المراجعة الدورية وعمل الفحوصات اللازمة يتم اكتشافها.
ومن عوامل الخطورة الأخرى لتصلب الشرايين التي قد تكون موجودة عند مريض الضغط وهي ليست من الأمراض لكنها من العادات غير الصحيحة التدخين والمراجعة الدورية لمريض الضغط تساعد في أن تلفت نظر المريض لخطورة هذا العامل بالإضافة لوجود عامل ارتفاع ضغط الدم، حيث إن وجود أكثر من عامل يجعل احتمال إصابة المريض بأحد مضاعفات أمراض تصلب الشرايين كبيراً. الانتباه لهذه العوامل وعلاجها يساعد في تقليل الإصابة بالجلطات الدماغية والجلطات القلبية.
فائدة أخرى من المتابعة الدورية لمرضى ارتفاع الضغط وهي اكتشاف أي مضاعفات أو آثار جانبية قد تنتج من العلاج وهنا يجب أن نذكر أن أدوية الضغط التي تستخدم الآن قليلة الآثار الجانبية والمضاعفات خلافاً لما كان عليه الحال قبل عقد أو عقدين من الزمان. الفوائد المذكورة أعلاه من المتابعة الدورية لمرضى الضغط بصورة عامة ولكن هناك فئة من مرضى الضغط تكون فائدة المراجعة الدورية لهم مضاعفة وهم مرضى السكري الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى إصابتهم بالسكري، حيث أثبتت الأبحاث أن علاج ارتفاع ضغط الدم هو أهم عامل في تقليل نسبة الوفاة بينهم نتيجة اصابتهم بالجلطة الدماغية أو الجلطة القلبية أي أن أهميته تسبق أهمية المحافظة على مستوى السكر بالدم قرب الحد الطبيعي.
د. أسامة أحمد البشير
استشاري أمراض القلب في مستشفى المركز التخصصي الطبي |