سأتوجه بالحديث في مربعنا الذهبي هذه المرة إلى الأحبة الجميلين مشجعي الاندية الرياضية حفظهم الله من كل سوء.
أقول: حقيقة رياضية لا جدال فيها ولا نقاش حولها وهي انه لا مفر من تشجيع الأندية بعد الاجماع - غير الأعجم - على تشجيع المنتخبات التي تمثّل الوطن ومن في الوطن، كذلك لابد من الانتماء لرياضة معينة وتشجيع انديتها ولاعبيها، والاهتمام بالدوري فيها ومتابعة مبارياتها!
كل ذلك لا خلاف حوله.. إنما نقطة الخلاف والاختلاف والمؤاخذة والعتاب تتمحور وتتأكد عندما يتحول التشجيع والمساندة إلى ممارسات وأشكال أخرى لا علاقة لها بالتشجيع الصحيح، ولا علاقة لها بالرياضة، ولا بالرياضيين ولا علاقة لها من قبل ذلك ومن بعده بالتصرفات الإنسانية المحتملة.. أسجل ذلك، لأن قراءة عابرة لشوارعنا وساحاتنا وميادين المدن تمنحنا ذلك الانطباع الذي لا يشجع في حقيقته وواقعه، ثم هو يميت الاقتناع بأسبابه ودوافعه.
كذلك اسجل قبل ان أنسى انه ليست هناك قوة في الأرض تستطيع ان تمنع شاباً مشجعاً رياضياً من ان يعبّر عن حبه ومشاعره، وانفعالاته، لكن كذلك ليست هناك قوة في الأرض تمنح ذلك الشاب حقاً او شرعية ما في ان يؤذي الآخرين من ناسه ومواطنيه، ولا ان يعبث بأمن الطريق والشارع، ولا ان يسيء إلى نفسه ويعرضها للخطر، والبشاعة، والنهايات المؤلمة، ولا تمنحه أي إشارة مهما كانت إلى ان يتحول من إنسان عاقل ذي فكر وإرادة إلى (حيوان) أو بهلوان مسلوب الحكمة وتقدير العواقب.
الإنسان - أي إنسان - عندما يخرج من بيته بعد نهاية إحدى المباريات سوف ينشرح صدره، ويفرح، ويتهلل ويقف معجباً ويُلوِّح بيد المشاركة عندما يشاهد أرتال السيارات المتنوعة تسير بانتظام وترفع الأعلام والشّبان بداخلها يهتفون، ويهزجون ويصفقون لفوز فريقهم، او منتخبهم بشكل حضري مرتب بهي، أو عندما يحتفل أحد الميادين العامة بمجموعة من الشبان المتناسقين وهم يؤدون أهازيج العرضات والرقصات المحلية.
كل ذلك لا اعتراض عليه، بل هو جميل مطلوب، إنما الاشكالية الصعبة عندما تتحول مشاعر الفرح والابتهاج بالفوز إلى رغبة فاسدة في الاساءة إلى الإنسان والنظام، وفي الإضرار بالمكتسبات الوطنية بشكل وواقع لا يمت إلى العقل ولا إلى المسؤولية بصلة تلكم هي الاشكالية، وهي محور عدم الاتفاق الذي لن يفاصل حوله أي إنسان محترم تعيش في خلاياه ذرة واحدة من حس بشري وانتماء وطني.
أقول ذلك فعلاً إذا كان لدينا أيها الأحبة المشجعون شعور بشري بوجودنا وانتماء حقيقي لوطننا، أما إذا كنا بخلاف ذلك فنحن - ويا للأسف - خارج المعقول الإنساني، وتبعاً لذلك لا حق لنا في ان نلوم (الأمن) عندما يصطادنا ويصادر حريتنا، نحن لا نستحق فعلاً.
|