أنا لا أعلم مع أي فريق وقف بالتشجيع أو المؤازرة، الزميل القدير الأستاذ عبدالرحمن بن سعد السماري، الرجل الذي تشهد له الصحافة بكل الجدارة والأهلية في صدق ونبرة الخطاب في النقد الاجتماعي، وهذا لا شك نابع من حرص ووطنية تتمثل فيها الوسطية.
لقد جلب لي مقاله بالأمس عن هيئة الصحفيين شيئاً من الغرابة، وساقني الحال إلى العتب عليه، وهو عندي زميل هو أسنّ مني وأكثر ممارسة واحترافية في المجال الصحفي، ولعله يتقبل هذا العتب بروية ولا استعجال فيها.. أنا معه وكل الخيرين أمثاله في الاستياء من الحال الذي أوقعت فيه الهيئة تحت التأسيس، وما كنا نبغي هذا أملاً ولا عملاً، لكن هذا أمر مقدر، نؤمن بقدر الله.. وعلى نفس المنوال نشاطر أبا سعد التقدير والاحترام والاعتزاز بكل الأعضاء في اللجنة التأسيسية للجمعية، ونحملهم على المحمل الحسن، ولا نزكي منهم أحداً على الله.. ولعل الزميل العزيز الدكتور عبدالله الجحلان، له الحظوة والمكان الأسمى في التقدير والتبجيل بصفته الشخصية والمهنية الأكاديمية والفكرية والصحفية، وممارسته التطوعية في سبيل قيام الهيئة.. لكن ليسمح لنا أستاذنا السماري في تخطئته في القول إن رؤساء التحرير هم الذين شكلوا لجنة التأسيس، بل هم الذين أوجدوها من العدم.. وسند التخطئة نظامي قبل أن يكون منطقياً، فالهيئة لم تأت من العدم، بل جاءت بنظام صادر من رأس الدولة والمؤسسات الدستورية، ذلك أن المادة 90 من اللائحة التنفيذية من نظام المطبوعات والنشر الصادر بالمرسوم الملكي م-32 لعام 1421هـ قد نصت في الفقرتين (أ) و (ب) بالآتي:
أ - لأصحاب الأنشطة الإعلامية الواردة في المادة 2 من النظام وبقرار من الوزير إنشاء جمعيات تمثل أنشطتهم الإعلامية.
ب - تحدد تلك أهداف الجمعيات وفق ما يلي:
1 - تنظيم وتنشيط وتطوير النشاط الإعلامي الذي تمثله.
2 - ترسيخ الالتزام بتقاليد المهنة وآدابها ومبادئها.
3 - معالجة المشاكل التي تواجه منسوبي الجمعية.
4 - تطوير وتنظيم الأداء المهني لمنسوبي الجمعية.
5 - تحقيق التواصل بين أصحاب المهنة وتيسير التعاون والتنسيق مع الجمعيات المماثلة داخل وخارج المملكة.
6 - أية أهداف أخرى لصالح الجمعية وتوافق عليها الوزارة.
كما نصت المادة 91 على الإجراءات التي تمثل إجراءات التراخيص لممارسة النشاط، كذلك حددت أعمال اللجنة التأسيسية حتى استكمال الترخيص للهيئة - الجمعية من وزارة الثقافة والإعلام.. وحددت المادة 92 رقابة الوزارة للجمعيات.
أما نظام المؤسسات الصحفية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م - 20 لعام 1422هـ ولوائحه الصادرة بقرار وزير الإعلام رقم م - و - 5144 لعام 1422هـ فقد فصلت أيضاً في طريقة الترخيص بإنشاء هيئة الصحفيين وفق المادة 27 من اللائحة التنفيذية.. وحددت المادة 28 أهداف واختصاصات الهيئة، والمادة 29 موارد الهيئة، والمادة 30 متابعة الوزارة لأعمال الهيئة.. وهنا فقد انتفت حجية قول الأستاذ السماري بوجود الهيئة من العدم، فقد جاءت وفق أطر دستورية وأنظمة ولوائح قانونية اكتسبت حجية الإعلان والإعلام بالنشر في الجريدة الرسمية والإبلاغ لمؤسسات الحكومة والمجتمع.
ومرة أخرى نعتب على زميلنا الكبير أبا سعد وسمه المؤتمر الصحفي بالحراج بدل اللقاء الصحفي، فهذا وصف لا يليق أن يأتي من رجل في مقام وسن وخبرة السماري.. فالمؤتمر لم يكن عشوائياً ولا فوضوياً، بل لقد جاء منظماً وبدعوة وإعلان وفي مركز حضاري وفي حراسة أمنية أيضا، وبتغطية إعلامية رسمية وبحضور رسمي من وكيل وزارة الثقافة والإعلام والغرفة التجارية الصناعية بالرياض ورئيس اللجنة التأسيسية، وكل الحاضرين من خلفيات تعليمية وخبرات مهنية راقية، ولم يضع أحد لوحة للتمترس خلفها لا من المستبعدين ولا من الجالسين على منصة الرئاسة، فلعل هذا التنظيم قد جاء من اللجنة التي عقدت المؤتمر أو مركز أبا بطين الحضاري- أحسن الله إلى القائمين عليه-.. ولم يتكلم أحد دون أن يعطى الإذن بالكلام من رئيس الاجتماع الدكتور الجحلان- وفقه الله-.. ولم أسمع تراشقاً بالاتهامات ولا الكلمات، بل كان الحوار منضبطاً وديموقراطياً ووطنياً في الطرح والمعالجة أسلوباً ونطقاً وممارسة حتى في اللقاء الحميمي بعد نهاية الاجتماع مع الزميل عميد الصحافة السعودية الأستاذ تركي السديري- أعزه الله وبارك في جهوده الحادبة على قيام كيان مؤسسي معني قوي وغني بالمال والأعضاء الفاعلين-.
وعلى أية حال فلم يكن هنالك مبعدون ولا مستبعدون، لأن الهيئة لم يعلن الترخيص لها ولم توافق بعد وزارة الثقافة والإعلام عن نظامها الذي لا بدّ من مصادقة الجمعية العمومية عليه، ثم إن النظام لم يسمح لأحد أن يستبعد أحداً فهذا حق لمن أعطي بموجب النظام حق الترخيص والإلغاء.. واللجنة التأسيسية هي فقط لاستكمال عرض ما تتوصل إليه على الجمعية العمومية التي هي مجموع الممارسين للأنشطة الإعلامية حسب منطوق الأنظمة، ولا أخال أن أبا سعد لا يسره ويسعده أن تكون الممارسة الديموقراطية في إصدار بيان موجه إلى الجهة الحكومية التي تمثل الحكومة في تطبيق السياسة الإعلامية، وإصدار اللوائح للأنظمة التي تعالج الأنشطة الإعلامية، فهذا حق مشروع في إيصال الصوت، لا سيما وقد وزع البيان على وسائل الإعلام التي حضرت اللقاء، ولم يكن من ضمنها تواجد لقناة الجزيرة، وأنا لست ضد وصوله إلى أي قناة إعلامية حتى لو كانت لا تقف معنا، ففي ظني أن في هذا إعلاماً جيداً بما وصلت إليه بلادنا من انفتاح وحرية في ممارسة المشاركة الشعبية في القرار الذي وسعت الحكومة والدولة مجالاتها، وهنا فالشكر لمن أوصل البيان إلى قناة الجزيرة وغيرها، ولا نريد لأبي سعد فراقاً بيننا إلا إن كان لم يعد يطيق صبراً؟.. فهذا سياق جاء في القرآن الكريم لعدم الصبر على تلقي المعلومات كاملة التفاصيل، ولا نخال السماري قد نسي الحوت فاتخذ سبيله في البحر سربا، ولعل ما يشفع لنا لدى أستاذنا السماري أنه لا يوافق اللجنة التأسيسية - لا الهيئة - في بعض الأمور ونتطلع معه إلى البحث عن الموضوعية.
وعلى أي حال فأبو سعد عندي رجل عدل يشهد له ما له من مقامات الوقوف مع الحق وإنصاف من لم يسمع صوته وذلك من خلال طرحه في زاويته المعمرة (مستعجل).
* باحث ومستشار إعلامي
|