ستٌ وتسعون ساعة
وتساقط بين دقائقها عشرةٌ حدَّ المقبرة..
أُطفئت شموع عشرة...
وتهاطلت الدموع...
وتعالى الاسترجاع...
فكلُّنا للَّه تعالى وإليه...
فإنَّا لله وإنّا إليه راجعون...
مات العالم الورع، والمفوَّه الحكيم عبد السَّلام البرجس
و... شاركه الرَّحيل بعد ساعات عالم آخر في التَّوجُّه والخلق والحماس
عبد القادر طاش...
وقبلهما هيلة... وزوجها، وستة من الأبناء لم تخلِّف وراءها سوى الرَّضيع...
حصد الموت تحت عجلات المركبات أرواحهم، فيما داهم المرض (طاش)...
لله الأمر من قبل ومن بعد،
يفتح الموت فمه ويلتهم الطيِّبين، وقد تضاعف الحزن، ربَّما لأنَّ المرحلة تحتاج لمثل البرجس، وطاش... فهما في معيَّة الحقِّ، وهما يحملان قنديل النَّور، يتفقدان الثُّقوب كي يعمَّها...
ولئن عُرف كلٌّ منهما بعلمه، وصدقه، ونشاطه في الدَّعوة والتَّنوير وفي العطاء والبذل، وفي الوفاء لواجب العلم الذي حباهما به الإله العظيم، فإنَّهما كانا رمزاً للطِّيبة، والإيثار، والتَّواضع، والخلق وخسارتهما كبيرة في زمن فُقد فيه أنموذج الرَّجل المستوفي لصفاتٍ تميَّزا بها وعُرفا عنها، وشاع ذكرهما بها وفاح أريج شجرتهما المباركة فوسم الطِّيب بهما، ووصف الجدِّ بهما...
ولئن عُرفت هيلة المعيلي في السِّلك التَّربوي بخلقها وعملها ودأبها وطيبتها، فإنَّ امرأة مثلها حريٌّ أنْ يكون زوجها لمن لا يعرفه مماثلاً لها...
ونحن في زمن عندما يُفقد عنصر مثلها ومثله ومثلهما فإنَّ الخسارة فادحة، بل إنَّها ناقوس تذكير لكلِّ من تأخذه موجة الدنيا فلا يرى في انغماره ما سواها... بينما الموت عصا تلسع النَّائمين السَّادرين كي يتنبَّهوا..
فلا بقاء إلاَّ لله وحده، ولا فلاح إلاَّ بالرَّصيد الذي يرافق الإنسان في رحلته الأخيرة..
رحم الله الدكتورين العزيزين عبد القادر طاش وعبدالسلام البرجس، ورحم الله هيلة المعيلي وزوجها وأبناءها رحمةً واسعةً شاملةً تأخذهم إلى الفردوس الأعلى وتظلَّهم بظلِّ الله تعالى يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه...
وجبر مصابنا جميعنا فيهم، ومصاب خاصَّتهم، وخلفَ لهذه الأمَّة خلفاً خيِّراً وعوَّضها نقص علمائها ونماذجها... فيمن خلَّفاه من التلامذة والطُّلاَّب والمريدين...
فاللَّهم أنزل عليهم جميعهم وموتى المسلمين من عندك رحمة...
واجعل دورهم في قبورهم نوراً بإيمانهم بك وعملهم في سبيلك
وارحمنا يوم نلحق بهم
وإنَّا لك... راجعون
ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بك.
|