بالتعاون مع أعضاء الهيئة الاستشارية للمتحف الوطني برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومجموعة من السيدات المتطوعات من الجالية الفلسطينية والأردنية المقيمات بالرياض ، يستضيف المتحف الوطني المجموعة التراثية النادرة للسيدة وداد قعوار، حيث سيقام معرض إحياء التراث الشعبي الفلسطيني بقاعة العروض الزائرة - المتحف الوطني بتاريخ 21-2-1425هـ - 11-3-1425هـ الموافق 11 أبريل - 30 أبريل 2004م.. وسيكون افتتاح المعرض مساء يوم السبت في الساعة السابعة مساءً بتاريخ 20- صفر الموافق 10 أبريل تحت رعاية سمو الأميرة حصة بنت طراد الشعلان حرم ولي العهد .
لقد رغبت سيدات الجالية الفلسطينية والأردنية بالرياض المشاركة بمسيرة المتحف الوطني الفتية، ولكن الرائعة والغنية بالتراث والتاريخ وأيضا لإيمانهن العميق بأنهن جزء من حضارة هذه الأمة العربية الإسلامية وأن هذا المعرض يجسد عمق العلاقات القائمة بين الشعوب العربية الشقيقة ومدى تأثر بعضها ببعض وهو أحد السبل لبناء جسور التواصل بين الحركة الثقافية العربية بشكل عام والحركة الثقافية السعودية بشكل خاص.. وترى هذه المجموعة أن التراث يشكل أحد أهم الهويات الثقافية والإنسانية المعبرة عن حضارة الشعوب والدالة عليه وأنه من خلال هذا المعرض الذي سيشمل أزياءً شعبية ومقتنيات تراثية مختلفة تعكس غنى ورقي التراث الفلسطيني والعربي بشكل عام من خلال مهارة التصميم والتصنيع.. سيتم تعريف المواطن والمقيم في هذه الأرض المباركة الاطلاع على تراث هو رمز حضارة شعب ودليل إبداعه على مر العصور وفي مختلف الحقب التاريخية رغم ما تعرض له من محن ومعاناة.. ولعلنا نذكر أنه سيتم إصدار كتاب توثيقي خاص بهذا المعرض يحمل عنوان:(الكنوز التراثية الفلسطينية)، يحتوي على معلومات عن القطع المعروضة وصور المعروضات وسيوفر هذا الكتاب بالمتحف الوطني خلال العرض.
******
العرس هو أحلى مناسبة في الوسط الشعبي الفلسطيني وأكثرها بهجة، سواء كان ذلك على مستوى القرى أو المدينة. ففيه يعم الفرح على كل فرد من أفراد الأسرة، مهما كبرت العائلة واتسعت والحي أو القرية بالإضافة إلى العروسين. فالأم والأب يسعدان بنضج أبنائهما، ويبتهج الأطفال بمراقبة مراسيم وطقوس الاحتفال بهما. وفي هذه المناسبة يتاح لكل شخص في القرية أن يطلق العنان لعواطفه فيغني ويرقص ويتحرر من رتابة الحياة اليومية القاسية، فالعرس في محافظة الخليل هو حقاً (الفرح الشعبي العام) وزفاف حقيقي للعروسين.
وللزواج تقاليده الخاصة به في المجتمع الخليلي والذي يتميز بطابعه المحافظ، ولا تختلف عادات الزواج وتقاليده كثيراً بين القرى والمدينة ولا حتى مع سائر مدن وقرى فلسطين.
وهنا كان من اللازم أن تجري احتفالات النساء بشكل منفصل عن الرجال، وتسير الأغنية الشعبية جنبا إلى جنب مع مراسم العرس بشكل عام على النحو التالي:
أ - الخطبة: وتشمل الاختيار للعروس والطلبة غير الرسمية والطلبة الرسمية، وقد يشملها (عقد العقد) كما في القرية أو (كتب الكتاب) في المدينة، وقد تجرى جميعها ضمن حفلة واحدة تسمى (الصمدة).
وفي حفلة الخطوبة تغني النساء أغنيات عديدة تشير إلى فرحة أهل العريس بالعروس، ويلاحظ أن أغلب المغنيات من أهل العريس، وتركز هذه الأغاني على صفات العروسين، كجمال العروس ووسامة العريس وحسبهما ونسبهما ومكانتهما الاقتصادية في القرية أو المدينة بالدرجة الأولى، وبالتالي الاجتماعية.
ب- الكسوة: وهي ما يشتريه العريس للعروس من ملابس، كما يشتري لكل من ذوي أرحامه كخالاته وعماته واخواته (هدم) أي ثوب لكل منهن، وتحمل إلى بيت العروس في فترة الخطبة والزفاف، وقد تكون يوم الحناء في القرية أو الشمع في المدينة، وعندما تقترب النسوة من بيت العروس في مواكب يهزج فيه النساء وتزغرد النساء.
ج- الاحتفالات التي تسبق العرس: وقد يصاحب هذه الاحتفالات غناء متفرق كالغناء عند الكسوة والعقد، ومن الممكن ان تجرى احتفالات تغني وترقص فيها النساء عند كل زيارة يقوم بها أحد الجانبين للآخر.
إلا ان الاحتفالات الرئيسية بالعرس هي احتفالات الليالي السبع التي تسبق الزفاف، وجرت العادة ان يتم الزفاف وتبدأ هذه السهرات مساء الخميس أو الجمعة التي تسبقها.
وتجري الاحتفالات لكلا الجنسين في مكانين منفصلين، ففي حين يحتفل الرجال في ساحة سماوي أو مضافة أو ديوان، تحتفل النساء في بيت العريس أغلب هذه الليالي باستثناء ليلة الحناء في القرية وليلة الشمع في المدينة في بيت أهل العروس. أما في القرية فيلتف الرجال في ساحات البيادر، فيغنون ويدبكون، وقد يقوم شاعر شعبي بالغناء للحاضرين و(يشعر) لهم ويحيي حفلتهم في (تعليلتهم) بالعديد من القصائد ذات الدلالات والمعاني العميقة وبمصاحبة الربابة. وتبدأ سهرة الرجال بنشاطات الشباب المتمثلة بالدبكة، حتى إذا ما هدأ الجو جاء دور الشيوخ وكبار السن الذين يرقصون ويدبكون ويغنون الأغاني الشعبية التي يرددون نغماتها على صوت تصفيق الأيدي، وأشهر هذه الدبكات والرقصات (الدِحية) التي تبرز فيها قدرتهم على الصمود في هذا الجو الساخن وفي التراص الشديد على الأكتاف، ومن هذه الأغنيات (السحجة) التي يغني الرجال فيها بصفين متقابلين يغني صف ويرد عليه الصف الآخر. ويغني الرجال كذلك أغاني عديدة أشهرها دلعونا وظريف الطول واللتين يمكن ان تغنيهما النساء كذلك، ومنها ما يغنيه الرجال للعريس وهم في طريقهم إلى بيت العروس (الزفة).
ليلة الحناء في القرية: (قرى الخليل والقرى الفلسطينية بشكل عام)
تعتبر ليلة الحناء في القرية والشمع في المدينة هي أهم الليالي في السهرات، وتسبق ليلة الزفاف بيوم واحد وتجرى الاحتفالات في مكانين منفصلين للرجال والنساء، ففي حفل الرجال في العراء قريباً من بيت والد العريس أو المضافة أو ديوان العائلة.
أما في سهرة النساء التي تتم في دار العروس حيث تتجمع صديقاتها وقريباتها لتوديعها، وقد عرفت ليلة (الحناء) أغنيات شعبية حزينة تسمى (الترويدة) تصور تشبث العروس بأهلها وبصديقاتها، كما تصور حقيقة ارتباط الزوجة في الوسط الشعبي بأهلها أكثر من بيت زوجها.
وتحالف عموماً ليلة الحناء لدى النساء في بيت العروس جو الفرح الذي يشيع احتفالات العرس الشعبي وتحمل في ثناياها طابع الحزن على فراق العروس. (ليلة الشمع في المدينة تقابل ليلة الحناء في القرية).
يوم الزفاف
تكاد القرية بأكملها والعائلة واصدقاؤها وجيرانها في المدينة ينشغلون بإجراءات يوم الزفاف؛ نظراً لتعدد الاجراءات وتشعبها، فمنذ الصباح الباكر تبدأ عملية إعداد وليمة العرس بذبح الذبائح وإعداد اللحم وطبخ الطعام، ويتعاون الرجال والنساء في إعداد الغداء، وأثناء ذلك قد يتسلون بغناء أغنيات شعبية تعبر عن كرم أهل البيت وإطعام الضيف الصفة البارزة لدى أهالي الخليل مقر (أبو الضيفان).
وقبيل الظهر يقوم الشبان بمساعدة العريس على الاستحمام وإلباسه ثيابه الجديدة المزينة بالورود ورشه بالعطور، عند خروج العريس من مكان الاستحمام يستقبله جمهور الشبان الذين ينتظرون تلك اللحظة في الخارج مازجين بصوت رجولي حماسي:
طلع الزين من الحمام
الله واسم الله عليه
ورشوا من العطر عليه
وكل ارجاله حواليه |
وقد يهيئ الرجال العريس نفسياً للمستقبل الذي ينتظره ودعوته إلى تحمل المسؤولية القادمة.
وبعد الغناء يذهب أهل العريس من نساء ورجال لاحضار العروس وفي بيت أهلها تبرز مشاهد عديدة، أولها: قدوم أهل العريس ليأخذوا عروسهم، وتغني قريبات العروس مناشدة أهلها ورجالها أن يتمسكوا بابنتهم وان يخرجوها بعزة، وذلك بتنقيطها وإكرامها بالأموال والهدايا. وعند قدوم أهل العريس لأخذ العروس تغني النساء مؤكدة العلاقة الوثيقة التي سوف تربط العائلتين المتصاهرتين، وعلى أسباب هذه المصاهرة وأهمها الأصل الجيد والحسب والنسب. وبعد خروج الرجال أو ايصالهم العريس إلى منطقة النساء تخرج العروس وجهها مجلالا ومغطى بالطرحة، وتحمل بيدها قرآن مزين بالورود والقماش، وتبدأ تغني لها النساء ما يسمى (بالتجلاية) وقد يكون سبب هذه التسمية تجليل العروس على وجهها أو حتى اجلالا للقرآن الكريم المقدس الذي تحمله العروس، وتغني النساء غناء جماعيا حانيا يهدئ روع العروس التي تكون في حالة نفسية صعبة؛ وذلك لقلة الاختلاط في المجتمع الخليلي ومحافظته على تقاليده وعاداته وتمسكه بشعائره الدينية، وقد تكون هذه المرة الأولى ستختلي بها هذه العروس برجل لم تكن تعرفه من قبل. وعندما تنزل العروس عن اللوج بمساعدة ولي أمرها ورجال عائلتها تغني النساء من أهل العريس أنهم لم يقصروا في حق العروس وأهلها؛ ولذا عليها ان تكون فرحة بالانتقال لبيت الزوجية.
|