إنَّ كتباً من كتب التراث العربي والإسلامي كتبها أصحابها لتأديب الناشئة في زمانهم ويفترض أن تنهض هذه الكتب بدورها التربوي في الأزمنة التالية لأن الكتاب الأصيل يمتد أثره عبر قرون عديدة ولا أقول عصور، ومن تلك الكتب على سبيل المثال كتاب (عيون الأخبار) لابن قتيبة، وكتاب (الكامل) للمبرد، و(الأصمعيات) للأصمعي، و(المفضليات) للمفضل الضبي، هذه الكتب اشتملت على الأخبار والقصص والأمثال والأشعار التي تفيد الناشئة خلقاً عربياً وإسلامياً أصيلاً وحكمةً مفيدةً وأدباً راقياً، وإذا ما فتشنا عن وجود إضاءات لهذه الكتب في مناهجنا الدراسية في المرحلتين المتوسطة والثانوية وخاصة في مادتي المطالعة والأدب وإننا لا نكاد نقع إلا على نزر يسير، وهذه المرحلة العمرية مهمة وخطرة في تشكيل أفكار الشباب واتجاهاتهم والملاحظ على الطلاب في هاتين المرحلتين الضعف في مادة التعبير وهذه الكتب تُعين بالإضافة إلى ما ذُكر عن تقويم لغة الطالب الأدبية، فإنني أقترح اقتراحاً أرجو أن يكون له وقعه في النفوس وهو أن تُزود مادتا المطالعة والأدب في هاتين المرحلتين بدروس منتقاة من هذه الكتب بشكل أكبر، وأن يُستعمل عنصر التشويق في لفت أنظار الناشئة إلى مافي هذه الكتب وذلك بتمثيل بعض الأخبار أو القصص أو الأمثال في إذاعة الصباح أو في إحدى الحفلات المدرسية مع ذكر المصدر ثم يُسأل الطلاب أو الطالبات بعد أداء التمثيلية عن الخُلق أو الحكمة المستفادة من هذه القصص بالإضافة إلى إلقاء بعض القصائد ذات الاتجاه الأخلاقي سواء من الأصمعيات أو المفضليات.
إن مشكلة الشباب أو الفئة الغالبة منهم في هذه المرحلة أن تطبيقهم لما يتعلمون من مواد دينية في حياتهم قليل ولذلك أسباب عديدة قد تكون موضوع مقال آخر، فنحن بحاجة إلى دعم هذه المواد الدينية بالمادة التي تنميها ، والشباب في زماننا هذا زمن القنوات الفضائية والإنترنت يتعرض لغزو فكري كبير وليس بعيداً عن الأذهان البرامج والمحطات الفضائية التي تستقطب اهتمام شريحة كبيرة من الناشئة فقد شغلوهم وانشغلوا بالغناء وقنواته ومسابقاته شغلوا ببرامج الواقع التي تدعو صراحة إلى الاختلاط والتحلل من الأخلاق وأهمها الحياء، أصبح الناشئ وهذا ما لمسته بنفسي يرى الصورة المثالية في مثل هذه الشخصيات، كيف لا يرى ذلك أو يعتقده وهو يرى أن الكاميرات مسلّطة عليه في الصحوة والمنام في الأكل والشراب وكل حركاته الساذجة، اتقوا الله في شباب الأمة أيها القائمون والداعمون لهذه البرامج وعودوا إلى الله عودة صادقة واعرضوا في قنواتكم ما يساعد على تأديب الناشئة وتقوية عزائمهم ورفع هممهم ولا تسقطوهم في المستنقعات الملوثة التي تلوثه من كل جانب، وعلى الله قصد السبيل وأفوّض أمري إلى الله.
* جامعة أم القرى
|