يثير استغرابي كثيراً نفرة بعض الباحثين والكتَّاب والمؤلفين من أشخاص معينين في الوسط العلمي نفسه لأنهم أهل حس نقدي عال؛ فتجد أن هؤلاء المعروفين بالنقد وعدم إمرار كلمات المتحدث أو الكاتب بسهولة كم هو الحال بغيرهم تجد أنه ما أن تخط أقدامهم في مكان المتحدث أو الكتاب بسهولة كما هو الحال بغيرهم تجد أنه ما إن تحط أقدامهم في مكان ثقافي إلا والبعض يرى أنهم ضيوف ثقلاء أو أنهم غير مرغوب فيهم!!
ولا شك أن كل نفس تنفر من نقدها مهما تظاهرت بالمثالية وحب النقد والرأي الآخر وجبلت القلوب على حب الثناء على أعمالها ولو كانت هذه الأعمال متواضعة.
والشاهد هنا أنا أريد أن أدافع عن هذه الفئة (الناقدة)، بل أثنى عليها فالنقد هو وسيلة تصحيحية مهمة ومتى ما نفرنا عن الناقد فمعنى هذا أننا نريد لمجتمعنا أن يقبل طرحنا الثقافي بالمجالة وعدم إبداء الرأي ومعرفة أوجه الصح والخطأ في ما نكتبه أو نتحدث به في المشاهد الثقافية.
النقد منهج علمي رصين والنقاد معلم يجب أن يستفيد منه، ومتى ما كان الناقد موضوعياً فهو المكسب الكبير الذي يجب ألا نفرط فيه ونتقبله ولو كان لا يعجبنا بعض الجزئيات لديه.
ومما يثير الطرافة ما يحصل أحياناً عند أي دعوة لنشاط ثقافي أنك تجد أنهم يستبعدون بعض الأسماء ذات المكانة الثقافية بحجة أنهم سيعكرون جو المحاضرة بنقدهم وتعليقاتهم، ومما يثر الأسى هنا أنهم يحرصون على دعوة شخص أو شخصين ممن عرفوا بتلميع المتحدثين والثناء عليهم!! مع كل أسف هذا يحصل.
وعلى العموم ما الإنسان منا إلا حيث يضع نفسه فإن أراد أن يعطي نفسه وعمله الثقافي مشهداً معصوماً يبعد عن النقد فقد يكون له ذلك مرة أو مرتين لكن هذا سيفتح عليه باباً من النقد الموضوعي وغير الموضوعي.
وفي الختام كم يعجبني موقف بعض أساتذتنا وزملائنا وغيرهم ممن يحفلون بالنقد العلمي الهادئ وبصاحبه بطريقة عظيمة, حتى إنهم بالفعل يقومون بمشاهد كبيرة وعظيمة مع من ينتقدهم ولا يظهرون التبرم, بل هم أكثر الناس سعادة بما يوجَّه إليهم من نقد لأن شخصاً واحداً ينتقدك بطريقة علمية هو يعدل عشرات يثنون على عملك وهم لم يتكلفوا عناء القراءة، بل هي مجاملات قد يكون ضررها أكبر من نفعها.
|