الزبداني وديك الجرجانية
مطيران علي النمس / عرعر

الضغوط قد تولد لدى الشخص إحباطاً عاماً قد يسيطر على كل معاملاته إذا زاد عن معدله الطبيعي وعلاج هذا الضغط ليس حبات صغيرة من طبيب مختص في هذا المجال الصحي، بل علاجه نفسياً وطبيعياً أقصد بذلك الخروج من شرنقة العمل والحياة الثابتة أي عالم آخر يقضي فيه الشخص فترة من الوقت كنوع من النقاهة الطبيعية التي تجهل الإنسان أكثر انطلاقاً وحماساً ونشاطاً ومرحاً وقد يقضي فترة الصيف الفائت في بلاد الشام هذه البلاد التي لا ترى عينك فيها مكاناً لجسد التربة إلا واستتر بالثوب الأخضر الذي يكسو جباله ورماله وواحاته وقد أخذتُ قسطا من الراحة وامتد وقتها إلى ثلاثة أيام وليتها طالت، هذه الاستراحة في مكان يقصده معظم السياح من الخليج العربي، وهو الزبداني مكان يبعد عن الشام مقدار ستين كيلو متراً ما أجمل هذا المكان انه سحر الطبيعة يجعل الإنسان يعيش في زمن الخضرة والماء والوجه الحسن، وفي تلك الليلة نمت طويلا بعد عناء السفر ومعاملة الحدود التي لا تتغير ما دام الإنسان العربي لم يغير نفسه، ولم أصح إلا على صياح الديك فجراً الذي كان يجاورني بتلك الحديقة تقع بها فلتي التي أسكنها فكان صوته مزعجاً ولقد أرقني ولكن كان جميلا ذكرني في صولات والدتي وجولاتها حول (التنور) لصناعة الرغيف لنا صباحا انها النساء حقاً، وترددت على مسامعي صوت الفنان العراقي ناظم الغزالي وهو يشدو بأغانيه المشهورة
من وراء التنور ناوشني الرغيف يا رغيف الحلوة يكفيني سنة
جلست على صوت ديك (الجر جانية) وهو الحي الذي أسكنه في الزبداني إن صوت هذا الديك يوقظني فجراً مع ضجيج البشر ودوران عجلة الحياة ما أجمل ذلك الصباح فقد قال جرير:
لما تذكرت بالديرين أرقني صوت الدجاج وقرع بالنواقيس
ويقصد بذلك الدير دير الوليد وهو معروف بالشام وأراد بالدجاج الديكة لقد انتهى عالم الديك وانتهى معه رغيف أمي وانتهى دور المرأة، وحل دور الرجال وبدأنا نتحلق حول فرن الخباز الذي انتفخت منه أوداجنا وبطوننا انه زمن المعجنات.